هل يسعى الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، إلى منافسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر؟ وهل يطمع التلميذ فى الجلوس على كرسى المشيخة بدلا من أستاذه الذى كان له الفضل فى وصوله إلى مقعد وزارة الأوقاف؟
سؤال يطرح نفسه خاصة بعد أن طفت على السطح محاولات الوزير طرح نفسه ووزارته كرواد لتجديد الخطاب الدينى بعيدا عن الأزهر الشريف، حيث عقدت وزارة الأوقاف مؤتمر «تجديد الخطاب الدينى» خلال الأسبوع الماضى دون حضور أى ممثل عن الأزهر الشريف، رغم حرص الوزير ووزارته على دعوة عدد من المفكرين والفنانين والوزراء لحضور المؤتمر، وذلك قبل يوم واحد من اجتماع عقده الأزهر مع عدد من المفكرين حول ذات الموضوع، وكأن جمعة أراد أن يقدم نفسه متربعا على موقع المجدد المستقل بعيدا عن الأزهر وشيخه، مع ملاحظة أن مؤتمر الأوقاف سبقه قبل شهور تصريح لوكيل الوزارة صبرى عبادة يصف فيه مؤتمر الأزهر للتجديد ومحاربة الإرهاب بأنه حبر على ورق.
هذه المنافسة التى ظهرت وكأن المؤسسات الدينية الرسمية تتعامل مع تجديد الخطاب الدينى على أنه «يافطة» يضع عليها الوزير اسمه ليعلن أنه المجدد القادم، متناسيا أن التجديد المنشود لا يتحمل أن يقف مناصبا العداء للأزهر وشيخه الذى يمثل أكبر مؤسسة إسلامية فى العالم وتحتاج التفاف أبنائها وليس تنازعهم فى وقت يحاول فيه الفكر المتطرف فرض سيطرته، بينما ينشغل أبناء أكبر مؤسسة دينية تعبر عن الإسلام الوسطى بمعارك صغيرة.
فهل يعتقد الشيخ مختار جمعة الذى لم يكن اسما معروفا فى مجال الدعوة قبل توليه وزارة الأوقاف أنه يستطيع قيادة تجديد الخطاب الدينى بعيدا عن الأزهر؟ وهل يتسبب خلافه مع بعض رجال الأزهر ومعاونى الشيخ الطيب فى أن يناصب أستاذه الذى رشحه لمنصب وزير الأوقاف العداء على الرغم من أن وزارة الأوقاف ظلت طوال تاريخها تحت كنف الأزهر، يمثلان معا المؤسسة الدينية الرسمية، التى تحتاج ونحتاج فى هذا التوقيت بالذات تكاتفها ووحدتها وقوتها لمواجهة التطرف ووضع آليات المواجهة والتجديد الحقيقى وليس تجديد اللافتات؟
سيادة الوزير.. بدلا من التفكير فى معاداة الأزهر وشيخه أو منافسته، فكر فى تطوير الدعاة وكيف يتحدثون عن قضايا الساعة وكيف يناظرون ويواجهون الفكر بالفكر، لا تعمق الفجوة ولا تشخصن التجديد لتظهر بمظهر من يريد أن يستحوذ على المشهد وحده، فالنتيجة الوحيدة التى تحققت من مؤتمركم المنفصل هو أنه أظهر حجم الشقاق فى المؤسسة الدينية الرسمية وعجزها عن التوحد فى مواجهة التحديات الصعبة، وهو ما يصعب عليك نفيه فى التصريحات المنمقة التى تنفى وجود خلاف أو شقاق.
سيادة الوزير.. لن تجدد الخطاب الدينى بخطبة الجمعة الموحدة، أو بمؤتمرات تنعقد على مدى ربع قرن وتتكلف الملايين ولا تساوى نتائجها ثمن الحبر الذى كتبت به أوراقها، ولن تمنع التطرف بمنع حفظة القرآن من دولتى تركيا وقطر من الاشتراك فى المسابقة العالمية للقرآن التى تقيمها الأوقاف كل عام كما فعلت مؤخرا، وتأكد أن صراع العمائم سيمحو أى محاولة للحديث عن تجديد الخطاب الدينى، وينسف أى ثقة فى المؤسسة الدينية الرسمية الوسطية ومشايخها.
تجديد الخطاب الدينى ومواجهة التطرف يحتاج أن نترفع عن الصغائر، وأن نلملم الشتات وأن نقف صفا واحدا.
سيادة الوزير.. لن تجدد الخطاب الدينى وحدك، ولن تستطيع أن تناصب الأزهر العداء أو تستقل عنه أو تحل محل شيخه حتى وإن تربعت على منصة ترأسها وحدك وغاب عنها أستاذك.