وائل السمرى

رمسيس مرزوق.. الكاميرا والكون

الإثنين، 04 مايو 2015 08:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شعور واحد انتابنى وأنا أدور بين جنبات معرض الفنان العالمى رمسيس مرزوق بقاعة أفق بمتحف محمود خليل وحرمه بالجيزة والذى سينتهى للأسف فى هذا اليوم، وهو أنى لا أشاهد صورا فى معرض وإنما أشاهد مناظرة حامية بين أهم مكونين من مكونات الحياة هما «الضوء والظلام».

اختار مرزوق أن يحتل اللونين «الأبيض والأسود» دور الصدارة فى أغلب صوره، وبرغم الفقر «الظاهرى» فى الألوان والاقتصار على لونين فحسب فى الصور المعروضة، لكنى أستطيع أن أؤكد أن بهذه اللوحات غنى فاحش، لم تقدر أن تعكسه مئات اللوحات الأخرى التى تتمتع بثراء لونى «ظاهرى» أيضا.

كانت المناظرة ساخنة، واكتفى مرزوق بأن رسم إطارها الخارجى ووضع السيناريو الخاص بها ثم مضى ليتركنا بين النقيضين الملازمين «النور والظلام»، وليلعب الجسد الإنسانى دور مدير المناظرة، فمعظم لوحات مرزوق صورت الجسد الإنسانى النسائى فحسب، ولكنى أزعم بأن كل صورة اختارها مرزوق فى هذا المعرض شكلت جزاء من شخصية المرأة ومؤهلاتها الإنسانية والنفسية والجنسية، فمن السهولة المفرطة، إلى التعقيد المفرط، إلى المراوحة بين السهولة والتعقيد، صارت اللوحات وكأنها تعرض لسيرة الأنثى فى مراحل حياتها المختلفة.

ليس لك أن تسأل نفسك وأنت أمام هذه اللوحات المتفردة: ما الذى يمكن أن تمنحنا إياه الصورة؟ فقد أجاب مرزوق بهذه اللوحات أن فن التصوير قادر على أن يعبر الحدود الفنية، وأن يصبح حداثيا وكلاسيكيا فى آن، وبمقدوره أيضا أن يجسد غالبية المدارة الفنية المتخصصة، من الكلاسيكية القديمة وحتى تجريد التجريد.

لك أن تترك الإبهار لينال منك هذه المرة، فكل ما حولك «مبهر» وكل ما حولك غامض وصريح، ولعل أهم ما فى هذا المعرض من مميزات لا أتوقع أن تجدها عند من هم دون «رمسيس مرزوق» هو أن استطاع أن يخلد الشعور الحسى والمعنوى فى صوره بمقدرة يحسد عليها، حتى أنه فى تصوريه للجسد الإنسانى العارى، دون وجوه، فإنك من خلال رؤية الحسد فقط فستعرف بأى شعور تشعر به هذه المرأة وفى أى وقت التقطت هذه الصورة.

لا شىء قادر على فعل هذه الأفعال سوى الفن، يعيد تشكيل المعانى، يعيد ترتيب الأولويات، يعيد تعريف المسلمات، يعيد الوعى والروح والدهشة إلى الوجدان، يعيد صياغة العالم على هواه، ويعيد النظر إلى العيون والرجفة إلى القلوب، الإنسان إلى الإنسان، فتنظر إلى أفعاله آمنا مطمئنا، وبداخلك شعور قوى بأنه لا شىء سيستطيع أن يهزم هذا الكيان الأبقى مادامت هناك عيون مثل عيون رمسيس مرزوق.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة