فى الوقت الذى يبحث فيه العالم عن مياه الشرب فى الكواكب الأخرى ويدرس كيفية الوصول إليها لشح موارد الأرض من المياه العذبة. يقع على رؤوسنا خبر أسود عن غرق صندل فى النيل وبه 500 طن فوسفات.
والكارثة أن المسئولين بعد هذا الحادث أكدوا أن الفوسفات غير مضر تماما بل مفيد لصحة الإنسان ونصحوا المواطنين بمص الفوسفات ليل نهار. وحتى الآن لم نفهم هل هو سام أم مفيد أم يحمل إشعاع ذرى وهل هو سبب تسمم المئات فى الشرقية أم الصرف الصحى أم الإخوان.
على أى حال الدولة تطمئن المواطنين لأن التسمم لم يؤد إلى الوفاة ولو حدث (فهم شهداء عند ربهم يرزقون). ولكن ما الداعى لأن نعرف أسباب التسمم ونحن جميعا على يقين أن نسبة السمية والتلوث فى نهر النيل مخيفة بل وقاتلة لأى روح إنسانية أو حيوان. بل أن بعض الجهات الرسمية تصرح بأن الملوثات الصناعية والزراعية والإنسانية فى النهر البائد تصل إلى 4 مليارات طن سنويا منهم 15 مليون طن مواد كيميائية وصرف صناعى فائق الخطورة. ناهيك عن مليارات الأطنان من المخلفات الإنسانية والزراعية الغارقة فى الأسمدة الكيميائية والمبيدات.
لذلك من الطبيعى أن يكون الفوسفات هو المشكلة. فنحن نتعامل مع تلوث نهر النيل على أنه واقع حتمى يستحيل تغييره! والحقيقة أنه واقع مقزز يصعب تصديقه. فالحيوانات مهما كانت دناءة فصيلتها لا ترضى أن تشرب من مخلفاتها. لكننا تعودنا على ذلك معتقدين أن محطات التحلية والكلور قادرين على إخفاء السموم والمبيدات والصرف الصحى (وشفا وخمير يا حلوين). ثم نتساءل فى سذاجة عن أسباب توطن الأمراض السرطانية والفشل الكلوى فى مصر وانتشارهما بنسب خرافية لم يعرفها العالم. إننا معجزة يا سادة.. والمعجزة ليست فى عدد المصابين بل فى إننا مازلنا عايشين.
كلنا مجرمون بحق النيل بسطاء ومزارعين.. رجال أعمال ومتعلمين.. دولة ومواطنين. الكل اتفق عن جهل أو مصالح أو غباء على قتل هذا النهر. فنحن أمام دولة كل قوانينها البيئية على الورق بلا أى مردود أو نفاذ على أرض الواقع حتى إنها تقيم خطر الفوسفات ولا تقدر خطر نقل هذه النوعية من المواد فى النهر وتمنعها تماما. دولة لا يوجد فيها عقاب واضح لسموم المصانع أو قاذورات البواخر أو صرف البهائم. وشعب يتعامل مع شريان حياته على أنه صندوق قمامته ولا يتأفف من أن يكون مكان صرفه نفس مكان شربه.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
كمال غبريال
عندك حق
عدد الردود 0
بواسطة:
khaled
النيل من أنهار الجنه