الوفد، التجمع، الناصرى، المصريين الأحرار، الدستور، النور، المصرى الديمقراطى، العدل، الوسط، مصر القوية.. ربما كان هذا أقصى ما يمكن لمواطن أن يعد من أحزاب، هناك بالطبع عشرات من هذه الأحزاب أغلبها تأسست بعد 25 يناير، ولا أحد يعرف لها مقرًا أو برنامجًا، فقط يمكن للشخص العادى أن يقرأ تصريحات أو أخبارً عن مؤتمرات صحفية لهذه الأحزاب، تزدحم بالصخب والمطالب، والضجيج بلا طحن. وهذه الأحزاب تهدد بالانسحاب من الانتخابات، ولا أحد يسمع عنها أو يعرف مطالبها، وبعضها تشكل من شخصيات عرفت السياسة فى أعمار متأخرة، وليس فى هذا عيب، لكن نفس هذه الشخصيات خفتت وترهلت، واكتفت بدور رد الفعل على ما يجرى، ولم يظهر ذلك الحزب الذى يمكن أن يشكل الأغلبية، أو ينافس ضمن لعبة السياسة.
مع العلم أن الشارع المصرى كان يموج بالرغبات فى العمل السياسى خلال السنوات الأخيرة، لكنّ الشباب والمواطنين لم يجدوا طريقًا لهذه الكيانات، ومن اقترب منها شعر بأنه يدخل عالمًا خياليًا لاعلاقة له بالسياسة، ومع هذا يستمر الضجيج، وهو ما يضاعف من إحباط الناس.
عندما يكون هناك مائة حزب أو أكثر لا يمكنها جذب %5 من المجتمع، يفترض بهذه الأحزاب أن تراجع نفسها، ومع الأخذ فى الاعتبار أن العمل السياسى لا يجتذب بشكل عام أكثر من %10 أو أقل، فإن أحزابنا لم تستقطب واحدًا على عشرة من النسب الدولية.
وللمفارقة، فإننا أمام أحزاب تدعو لنفس الأفكار بتنويعات مختلفة، أكثر من حزب يسارى أو ليبرالى بدرجات يصعب التفرقة بينها.. نقول هذا بمناسبة أن هناك انتخابات، وقد صدعت الأحزاب فضائياتها ومؤتمراتها بالحديث عن القواعد، والنظام الانتخابى، وتقسيم الدوائر، بينما تعجز عن توفير مرشحين فى كل أو حتى نصف الدوائر، وتشكو من الحزب الوطنى ومن الإخوان، وتعجز عن ملء الفراغ السياسى، وحتى الأحزاب المتشابهة عاجزة عن تشكيل تحالفات انتخابية- ولو حتى مؤقتًا- يمكنها أن تحدد شكل تمثيلها فى مجلس النواب المقبل.
هذه الأحزاب كان يمكنها أن تقوم بدور خلال السنوات الأربع، يتضمن رفع الوعى والتدريب، واستغلال طاقات التغيير، والتفاؤل.. كان يمكن لهذه الأحزاب أن تكون معاهد تدريب لكوادر يمكنها أن تشغل المحليات أو مجالس التشريع، لكنها لم تفعل أكثر من الصراخ والشكوى، وتعلن موت السياسة، وهى بالفعل أحزاب ميتة، ولا نراها إلا فى المشاجرات والمصادمات.. نحن أمام حالة تحتاج من هذه الأحزاب- مثلما تشكو- أن تراجع نفسها وما تريده، لأنها لا تعرف ماذا تريد.