التغيير فى مصر ليس مجرد شعارات يومية، أو كلمات وجمل خطابية يطلقها الموظف أو المسؤول الكبير لدغدغة مشاعر الناس، وتطييب خواطرهم، ومحاولة استيعاب غضبهم وسخطهم من استمرار واقع الحال لحياتهم المعيشية فى الشارع، وفى المصالح الحكومية، وفى كل مكان يتعاملون فيه من أجل الحصول على حقهم الطبيعى فى تعامل إنسانى وعيشة كريمة.
التغيير واقع يتحرك على الأرض، ويسكن فى كل مؤسسة وجهة حكومية، وحقيقة يجب أن يلمسها ويشعر بها المواطن البسيط المهموم فى حياته اليومية، حتى يتيقن ويؤمن بأن هناك إرادة وعزمًا من القائمين على إدارة شؤون هذا البلد على العمل من أجله بعد ثورتين، مازال يحلم وينتظر أن يجنى ثمار شعاراتهما فى الحصول على أبسط حقوقه فى الحياة على هذه الأرض.
واقع الحال حتى الآن لم يطرأ عليه أى تغيير، رغم تصريحات الحكومة وشعاراتها البراقة بالعمل من أجل التسيير على المواطنين، ومحاربة الفساد المالى والإدارى، وصدور عشرات القوانين والقرارات.
بصراحة شديدة إذا لم يشعر المواطن البسيط بأن هناك تغييرًا حقيقيًا فى حياته اليومية، وفى تعاملاته مع أى جهة إدارية حكومية، فسوف يتسرب إلى داخله اليأس بأنه «مافيش فايدة»، وأن الكل يعمل «على قديمه».
جرّب أن تذهب إلى أى مصلحة حكومية لإنهاء معاملة خاصة بك، فى المرور، أو فى الشهر العقارى، أو مصلحة الأحوال المدنية، أو أى مصلحة تختارها لتخليص المعاملة، ماذا سيحدث لك؟! نفس البيروقراطية، والترهل الإدارى، والفوضى، وإضاعة الوقت ليوم أو يومين للحصول على الخدمة، رغم ما تسمعه من تطوير، وارتقاء بالخدمات، والسير نحو «الحكومة الذكية» التى لا وجود لها على الأرض.
فى وجهة نظرى أن بداية التغيير الذى يجب أن يشعر به المواطن البسيط هو أن تمر «الثورة» على الهيئات والمصالح الحكومة التى يرتادها ملايين المواطنين الغلابة يوميًا، لأن أصحاب النفوذ والحظوة لديهم وسائلهم الخاصة، وعلاقاتهم المتشعبة لتخليص مصالحهم.
هذا هو أول الطريق لإجراء التغيير الحقيقى، وبداية الحرب ضد الفساد بجميع أنواعه، وضد البيروقراطية والعفن الذى يعشش فى مصالحنا الحكومية.