هل كان الفنان محمد رشدى مطربا ثوريا؟، هل كان عبدالحليم حافظ مطربا ثوريا؟، انشغلت الساحة الفنية والثقافية والإعلامية فى النصف الأول من ستينيات القرن الماضى بهذه القضية، أدلى الكثيرون بدلوهم فيها، يتذكر محمد رشدى هذه المسألة المثيرة فى مذكراته التى سجلتها معه، وأواصل كتابة مقتطفات منها بمناسبة رحيل عبدالرحمن الأبنودى، وذكرى رحيل محمد رشدى «2 مايو 2005».
يقول رشدى: «بعد أن قام عبدالحليم بسحب الأبنودى وبليغ، وقدمت بدلا منهما، حسن أبو عتمان، وحلمى بكر، أصبحت الأغنية الشعبية التى بدأتها هى السائدة، وظهر سؤال: هل محمد رشدى مطرب ثورى أم لا؟، وانقسمت الآراء، هناك من رفض التسمية، وهناك من أيدها، كانت معركة شارك فيها يسار ويمين، وامتد السؤال ليشمل عبدالحليم حافظ».
يتذكر رشدى: اشترك فى الإجابة على السؤال رموز فكر وفن وثقافة، وقال الموسيقار كمال الطويل معلقا: «لا بد أن يعترف الجميع أن عبدالحليم ومحمد رشدى يقودان الآن مسيرة الغناء، ولكل منهما لونه»، وأصدرت مجلة الكواكب عددا كنت غلافه، وكتب حسن فؤاد: يجب على الاتحاد الاشتراكى «التنظيم السياسى الرسمى وقتئذ» أن يحتضن محمد رشدى خاصة بعد أن غنيت لتوربينة السد العالى فى الشارع، واستمر الجدل، واتفق معظم المشاركين فيه على أنه لو كان محمد رشدى مطربا غير ثورى، فإنه على الأقل يقدم أغانى ثورية.
ناولنى «رشدى» وهو يسرد ذكرياته لى ملفا ضخما يحتوى على مواد صحفية ومقالات عنه، استوقفنى فيها حوار لعبدالحليم حافظ فى مجلة الكواكب يقول فيه: «عندنا رشدى وماهر العطار ومحرم فؤاد وعبداللطيف التلبانى وأحمد سامى، وكان المفروض أن يقدموا شيئا جديدا إلى فن الأداء فوق ما قدمته وحتى يسبقونى، ولكن الواقع غير ذلك تماما، فهم لم يضيفوا شيئا، وحتى لم يلحقونى والسبب فى كل ذلك أنهم يعتمدون على التقليد، تقليدى».
استوقفنى هذا الكلام العنيف من عبدالحليم، سألت رشدى عنه، فأخذ نفسا عميقا قبل أن ينطلق قائلا: «كنا بنخرج من معركة ندخل غيرها لكن كلها كانت لخدمة الفن، فى المعارك دى، طبعا كنت أرد على عبدالحليم، لكن المهم إن كل واحد منا كان بيدور على الجديد، هيقدم إيه؟، هيغنى إيه؟، مش قصة كلام فى المجلات وخلاص، هو يقدم أغنية، وأنا أقدم أغنية، وفايزة أحمد تنزل الميدان، ونجاة، وشادية، محمد قنديل، وكارم محمود، وماهر العطار، ياه على ده زمن».