يقطع الفنان محمد رشدى بأن المنافسة فى الغناء، التى اشتعلت بينه وبين عبدالحليم حافظ، كانت لأجل الفن فقط، وفى مذكراته التى سجلتها معه وأنشر مقتطفات منها فى ذكرى رحيله ورحيل رفيق رحلته الشاعر عبدالرحمن الأبنودى، يذكر كلمة تحمل دلالات عميقة، يقول: «كنت الأول فى اللون الشعبى، لكن عبدالحليم كان الأول فى القيمة».
يقول: «كان عبدالحليم من يومه الأول يعد نفسه لدوره»، يذكر أمثلة على ذلك فيقول: «كنت أنا وهو وبعض الأصدقاء عنده، ونزلنا نتمشى، كان يومها له أغنية هتتذاع ضمن تسجيلات الإذاعة، اشترينا من محل بقالة شوية تسالى، وطلب من صاحب المحل يشغل الراديو على الأغنية، سمعنا الأغنية، وكل واحد فينا قال رأيه، قلت: «على فكرة انت فيك حاجة من حليم الرومى، والد الفنانة ماجدة الرومى».
كان رأى «رشدى» زلزالا على عبدالحليم، يتذكر رد فعل العندليب على ما ذكره: «رجع عبدالحليم خطوة للخلف واحنا بنتمشى، وقال لى: «أنا مش شبه حد، أنا لون»، يضيف رشدى: «لو وصفت لك شكل وصوت عبدالحليم وهو بيقول هذا الكلام، أقول لك، كان فى قمة غضبه، كان فى ثورة قال فيها كلام كتير».
كان «حليم الرومى»، وهو فلسطينى الأصل، وعاش فى لبنان يحظى بشهرة واسعة، وله بصمات فنية قيمة، وشارك فى مصر كمطرب وملحن وحظى بقلب «خليفة أم كلثوم»، وشارك فى فيلمين «أول الشهر» و«قمر 14»، وغنى فيه أغنية «يا مساء الورد على عيونك»، ويؤكد رشدى أنه حين ذكر تشبيه عبدالحليم بـ«الرومى» لم يقصد الإساءة: «كنت حاسس إن فيه حاجة فى صوته بتذكرنى بصوت الرومى، لكن عبدالحليم رفض التشبيه».
يضيف رشدى: «المهم كله فى الموضوع إن عبدالحليم كان شايف نفسه كده من بدايته، مش شبه حد، هو لون لوحده، ورغم ذلك، أنا غضبت من رده وانصرفت، كنت بسأل نفسى: يعنى إيه اللى قاله عبدالحليم، يعنى إيه يبقى لون؟ غرقت فى هذه الأسئلة، وبعد كام يوم لقيت بابى بيخبط فى سكنى فى السيدة زينب، فتحت، وكان عبدالحليم هو اللى واقف أمامى، قال لى: أوعى تكون لسه زعلان من اللى حصل؟ قصدى كله إن لازم كل واحد فينا يكون له لونه الخاص، دون تقليد أحد، ولما أنا أبقى شبه حليم الرومى، هيكون عمر الفنى قصير لأن الأصل موجود، ونفس الكلام يمشى عليك، كل واحد فينا لازم يبقى له شخصيته وفنه».