ليس من المنطقى أبدا أن يتم تكوين قائمة موحدة تخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، الرئيس السيسى طلب هذا من الأحزاب فى لقائه الأخير بقادتها، هو مطلب يعبر عن نوايا طيبة، ورغبة فى اصطفاف الكل تحت راية وطنية واحدة، لكن ليس كل الأمنيات الطيبة تجد سبيلها إلى التنفيذ والتحقيق، فهل يمكن القول إن هناك أسبابا موضوعية تمنع هذه الأمنية؟.
الأصل فى الانتخابات هو التنافس، يتبارى فيها أحزاب اليمين واليسار والمستقلون وكل الأطياف السياسية التى ترى فى نفسها الأجدر بقيادة مصر، وفى هذه المنافسة يختار الناخب من يمثله بديمقراطية كاملة، ويعطى صوته لمن يراه مستحقا.
ومعنى نزول قائمة واحدة هو تحويل الانتخابات إلى استفتاء، ومعناها حرمان الحياة السياسية من تنافس ديمقراطى بما يشمله من حق الناخب فى معرفة برامج انتخابية للأحزاب كى يضع صوته بناء عليها، ومعناها أن نجد أغلبية صحيحة، وأقلية صحيحة، بإيمان من الطرفين أن صندوق الانتخابات هو الذى جاء بالاثنين وليس شىء آخر.
خطر القائمة الموحدة أنها تعطى الفرصة للطعن سياسيا فى كل من يترشح ضدها، وتظهرهم بمظهر غير المرضى عنهم من الدولة، مما يعطى الفرصة لأجهزة الدولة فى التدخل تحت أى مسمى بدعوى أن الفكرة من أساسها هى رغبة للرئيس، وبالتالى يجب مساندتها بكل الأشكال، وما أكثر المتطوعين فى ذلك الذين لا يهمهم المصلحة العامة، وإنما يهمهم إرضاء السلطة بكل الوسائل.
قد يرى البعض أن القائمة الموحدة معناها التعبئة الوطنية العامة، معناها الاتفاق على برنامج وطنى واحد، معناها تأجيل خلافات الأحزاب والقوى السياسية حتى يتم عبور هذه المرحلة بكل ما فيها من تحديات داخلية وخارجية وتربص قوى الظلام بأمن وحياة مصر، معناها تفويت الفرصة على جماعة الإخوان ومن يدور فى فلكها فى احتمالات تسللهم إلى الانتخابات، غير أن الأصل فى الموضوع والذى لا يجب إغفاله أن مواجهة الأخطار الداخلية والخارجية بما فى ذلك خطر الإرهاب لن يتم إلا بتعميق الديمقراطية وليس تحجميها، سيتم بشعور الناخب أن لديه حرية الاختيار بين المتنافسين، وأنه يعطى صوته بدون أى ضغوط تسلبه إرادته فى التصويت.
وبناء على ما سبق أرى أن الرئيس طالب الأحزاب بقائمة موحدة، وهو يعلم استحالة تكوينها، لكنه طالب بها حتى يعفى نفسه من مطالب البعض له بمساندة قائمته.