محمد الصغير ولاد أحمد شاعر كبير، غاضب، وهو عنوان عريض للرفض فى الشعر العربى الحديث، سجن فترة قصيرة فى «أحداث الخبز» فى تونس سنة 1985 ومنع ديوانه «نشيد الأيام الستة» فى 1984 وبقى محجوزا حتى 1988، طرد من عمله كمنشط ثقافى مدة خمس سنوات، وعاد بلا تعويضات ولا اعتذارات، كان وراء تأسيس بيت الشعر التونسى وتولى إدارته أربع سنوات، مارس نظام بن على الرقابة على قصائده، وكانوا يحذفون منها وأحيانا يقومون بتغيير بعض الكلمات، واستكمل المتأسلمون المسيرة، شعر ولاد أحمد موجع وصادم وخفيف الظل أيضا، صاحبه يقنص قصائده بحرفية المشتبك، وله جمهور عريض فى شمال أفريقيا، التقيته فى أكثر من أمسية، هو قريب إلى روح أمل دنقل ونزار قبانى ومحمود درويش، هو من قال: «ليس من محض الصدفة أن الثورة التونسية لم يقدها أى حزب سياسى، ولكن قادتها أبيات شعرية مستلهمة من قصيدة أبوالقاسم الشابى «إذا الشعب يوما أراد الحياة»، فأطلقت شعارات الثورة على وزن «الشعب يريد»، لا أيديولوجية وراءها ولا شعائر دينية»، محمد فى الستين من عمره، ويعالج من مرض عضال، ولم تتم دعوته إلى القاهرة مرة واحدة، رغم منزلته الشعرية العالية، ولم يطبع له كتاب واحد فى مصر، فقط لأنه ضد الذين كانوا يديرون الأمور هنا وهناك، بعد مرضه الأخير كتب «خُضْنا حروبا عديدة ضد استبداد الإرادة واستبداد الدولة واستبداد النقد الأدبى واستبداد التأويل الدينى، لم ننتصر بالكامل، ولم ننهزم بشكل حاسم، وها نحن الآن نخوض حربا مع مرض أمّى، لا يحسن القراءة والكتابة، لا نُحمّل المسؤولية لأحد من هذه البلاد التى أحببناها صباحا مساءً ويوم الأحد.. فى انتظار أن تحبّنا هى بدورها.. إذا وجدت يوما شاغرا فى أيام الأسبوع»، الصغير الصديق الرائع يرغب فى المجىء، وأتمنى من السيد وزير الثقافة أن يخترع مناسبة لحضوره، ومن الدكتور أحمد مجاهد أن يعرف القارئ المصرى على موهبة كبيرة ظلمها الاستبداد.