هناك عدة حقائق أود أن أضعها بداية قبل أى حديث عن تداعيات أزمة المحامين الأخيرة، التى بدا أنها انتهت بتقديم رئيس الجمهورية الاعتذار للمحامين وللشعب عما يصدر أحيانًا من تصرفات غير قانونية، وتجاوز من بعض أفراد الشرطة.. الحقيقة الأولى تخص رئيس الجمهورية الذى يرسى قاعدة لثقافة معدومة لدينا سواء على مستوى الأفراد العاديين، وبالتأكيد على مستوى المسؤولين، صحيح هو رئيس الجمهورية، أى المسؤول سياسيًا عن الشعب فى كل شىء، ولكن كثرت اعتذارات الرجل على ما لم يفعله، كاعتذاره لضحية التحرش فى التحرير، ولنساء مصر عن أخلاقيات فاسدة، ثم اعتذاره لأمير قطر عن خطايا إعلام غير مسؤول خاض فى عرض امرأة، بغض النظر عن كونها زوجة وأم الحاكم. أما الحقيقة الثانية فهى أن الشرطة برغم ما تحمله على عاتقها فى حفظ الأمن ومحاربة الإرهاب، وتقدم فيما تقدم تضحيات بالغة من خيرة شبابها، فمازالت تجاوزاتها تجاه بعض أفراد الشعب من طوائف مختلفة، وهى ما نأمل أن ينتهى، بل يحق لنا كشعب أن نشكوهم، ويحق لنا أيضًا أن نرى تطبيق القانون على المخطئ فيهم، ليعرفوا ويؤكدوا لنا أن الشرطة فى خدمة الشعب الدافع للضريبة.
ولنأتِ للحقيقة الثالثة، وهى الحادثة التى أطلقت شرارة الأزمة، ضابط يعتدى على محامٍ داخل إحدى المحاكم، أى خناقة بين طرفين، أحدهما ينتمى للسلطة، والآخر ينتمى لنقابة هى الأقوى عددًا وعتادًا بين نقابات مصر، لكنها فى النهاية خناقة بين رجلين، فما كان من نقيب المحامين الذى يتبعه المضروب إلا أن أعلن عن إضراب، ومن لا يتبع الإضراب من أعضاء النقابة ستتم محاسبته، أى إضراب بالإكراه، وطلب اعتذار من وزير الداخلية، ولنتخيل أن صحفيًا من نقابة الصحفيين تم الاعتداء عليه من مهندس تابع لنقابة المهندسين، فهل مطلوب من نقيب الصحفيين أن يعلن الإضراب، ويطالب وزير الصناعة بالاعتذار، وهكذا لو حدث مع أى طائفة أخرى من طوائف المجتمع، لكن لا يعنى هذا أننى أطالب بعدم اتخاذ موقف نقابى، والأهم قانونى تجاه المذنب، لكن ليس بتصعيد وإضراب خبط لزق، خاصة أن الضابط تم القبض عليه، ويعرض على المحاكمة، فما قيمة اعتذار أمام تطبيق قانون، ولكن السر فى الانتخابات التى اقترب موعدها، فلنصرخ فى الفضائيات، ولنلزم المحامين بإضراب، ولنرسِ ثقافة الصوت العالى الذى من فرط ما رفعه الجميع ما عاد أحد يسمع أحدًا فى هذا البلد، والأهم أن الكل يتحدث وهو يصرخ، مطالبًا بالحق والعدل، وهو حق، لكنه أحيانًا حق يراد به باطل.
ولعل الشىء بالشىء يُذكر، وبما أننا نتحدث عن الحق والعدل، ونقيضهما الفساد، فساد البشر وفساد الأخلاقيات، فإننى أود أن أسال السيد نقيب المحامين سؤالًا يلح على عقلى كلما رأيته أو سمعته يتحدث، فماذا فعل السيد نقيب المحامين فى المحامى الكبير جدًا الذى ضبطوا فى جامعة القاهرة منذ سنين ليست بكثيرة أحد المحامين الذين يعملون فى مكتبه يمتحن تزويرًا بدلًا من ابن المحامى الكبير، تُرى هل استطاع السيد سامح عاشور أن يعاقب هذا المحامى؟ وهل التحق الشاب المزور ابن المحامى بالنقابة التى يرأسها سامح عاشور؟ وكيف نسمح نحن بأن يتولى الدفاع عن الحق والعدل من يدفع ابنه الشاب للفساد؟، وسؤال ربما أخير ليس آخرًا للسيد سامح عاشور: هل تظن أننا شعب يمتلك ذاكرة السمك؟
أزمة المحامين مع وزارة الداخلية أزمة تمت إدارتها لغير الهدف، وانتهت باعتذار الرئيس، فمتى يتعلم الفاسدون أن يعتذروا وألا يصرخوا بعبارة «أحلى من الشرف مافيش يا آه يا آه».
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
sayed
اصحاب الذات السلطويه
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب الاصيل
الشعب لم يطالب الرئيس بالاعتذار - الشعب يطالب الرئيس بأتخاذ اجراء حاسم ضد التجاوزات الحمقاء
يدون
عدد الردود 0
بواسطة:
فاروق صديق
استعراض للقوه وفرض سيطره