كان مبارك هو مبارك فى أوج قوته وحضوره وحسمه، يهرول بخطوات سريعة وخلفه رئيس الوزراء كمال الجنزورى، ووزير الدفاع حسين طنطاوى، ووزير الثقافة فاروق حسنى، ووزير الداخلية حسن الألفى، وفجأة صرخ فى الألفى «لا لا ده تهريج أمنى»، وإشار له بيديه بما يعنى «مش عايز أسمع منك حاجة»، واقترب زكريا عزمى من الألفى وسحبه من يده بعيدا عن الرئيس، وطلب منه عدم استكمال الجولة، وتم على الفور استدعاء رئيس مباحث أمن الدولة حبيب العادلى، لمصاحبة مبارك فى زيارته التالية للغردقة، وصدر بعد ذلك قرار بتعيينه وزيرا للداخلية.
لم يكن الألفى سيئا ولا مقصرا، وشهدت فترة توليه الوزارة نجاحا هائلا فى الحرب ضد الإرهاب، ويرجع الفضل للمرحوم اللواء أحمد العادلى مدير مباحث أمن الدولة فى ذلك الوقت، وأول من اقتحم أوكارهم وجفف منابعهم، ولكن الدنيا فعلا «سلف ودين» ودفع الألفى ثمن غدره بأحمد العادلى، بعد أن أطاح به فى معركة الصراع على كرسى وزير الداخلية، وعزله من منصبه، وظن أنه أصبح آمنا، فجاء حادث الدير البحرى فى نوفمبر 1977 ليطيح بالألفى، فى خروج غير لطيف أقر المذبحة التى راح ضحيتها 58 سائحا أجنبيا.
لا تنسوا أن حبيب العادلى هو الذى أدخل الإرهابيين الجحور، وقلّم أظافرهم وأنيابهم، ونعمت البلاد على يديه بفترات هدوء طويلة، حققت فيها السياحة قفزات غير مسبوقة، وكان أكثر من جنى ثمارها والخير والرواج هم أهالى الأقصر، فانتعشوا بعد أن عاشوا أياما سوداء، ولكن لم تستمر فرحتهم طويلا بعد 25 يناير التى جاءتهم بآثار قريبة مما حدث بعد الدير البحرى، وعاد الكساد ليخيم على المدينة التاريخية الرائعة.
منذ عام أو أقل قليلا بدأ أهالى الأقصر يلتقطون أنفاسهم، وبدأت السياحة تملأ معابدهم وفنادقهم، وعاد الرزق يضخ فى السوق القديم والبوتيكات والكافيهات والنيل كروز، ولكن فجأة وقع الأربعاء الماضى حادث الكرنك الإرهابى، الذى يستهدف نفس المسلسل القديم بضرب السياحة وإفقارالأهالى وقطع رزاقهم واسترجاع الأيام السوداء، ولكن فات الإرهابيون أن حادث الدير البحرى كما كان بداية لمواجهة شرسة فى الحرب ضد الإرهاب، سيكون حادث الأقصر بداية لحرب حاسمة جديدة.
عدد الردود 0
بواسطة:
الهيثم
الظروف تغيرت