ضجة هائلة أحدثها اكتشاف مزرعة لتربية وتسمين الحمير بدون ترخيص على طريق القاهرة الفيوم، فقد تم توجيه الاتهام إلى صاحب المزرعة بأنه يربى الحمير ويسمنها ويذبحها لتوريد لحومها للمطاعم ومصانع اللحوم فى القاهرة والجيزة، وسرعان ما انتشر الخبر على مواقع التواصل الاجتماعى متبوعا بمئات من القفشات والنكات، ليس على مستوى مصر فقط بل على مستوى كل الدول العربية، وكأن التهمة قد ثبتت على صاحب المزرعة، وكأن كل المطاعم فى مصر تقدم لحوم الحمير للمواطنين.
ما أعرفه أن التحقيقات مستمرة، وأن صاحب المزرعة المضبوطة تقدم بأوراق ومستندات تفيد بأن لحوم الحمير المضبوطة مخصصة للتوريد للسيرك القومى لإطعام الحيوانات المتوحشة، وقدمت أنوسة كوتة مدربة الأسود شهادتها فى القضية، مشيرة إلى أنها تأخرت ساعة عن استلام اللحوم، وعندما وصلت إلى المزرعة وجدت صاحبها والعمال مقبوضا عليهم، فما العمل لو صحت الأوراق والمستندات وشهادات الشهود التى تؤكد أن لحوم الحمير مخصصة للسيرك؟
هل يمكن أن نستعيد ساعتها سهام الفزع والشائعات التى أصابت المواطنين ونحن على وشك استقبال شهر رمضان المعظم؟ لا بالطبع، بل ستجد على مواقع التواصل الاجتماعى أغرب التعليقات المرضية والقفشات المسمومة والشائعات الجديدة واتهامات الخيال العلمى، ولن يخرج واحد أو واحدة ممن نصبوا السيرك أو أقاموا سرادقات النواح ليعترف بخطئه أو يعتذر عما سببه من بلبلة وفزع.
ستجد ساعتها من يخرج ليقول إن الحكومة طرمخت على القضية حتى لا تزيد حالة الفزع لدى المواطنين قبل شهر رمضان، أو أن صاحب المزرعة مشى حاله ورش، أو استعان بصديق مسنود لإخراجه من القضية مثل الشعرة من العجين، وربما تصطدم بائتلاف يرفع شعار «إلى متى نأكل لحوم الحمير؟»، أو مجموعة من النشطاء القرفانين طول الوقت يتباكون على حال البلد، وما وصل إليه من فساد لدرجة الإفراج عن المتهمين بإطعامنا لحوم الحمير إلخ.
لو ثبت الاتهام على صاحب المزرعة، فهذا يعنى أن الأجهزة الرقابية فى البلد شغالة، وإذا ثبت العكس فلا بد من إعلان نتائج التحقيقات تفصيليا بسرعة، ورد كرامة من تعرضوا للتشكيك والاحتجاز، وفى الحالتين لا لزوم للنواح المزيف والتباكى على حال البلد أو الخرس المتواطئ والغيظ من أن الواقعة ليست صحيحة، حتى نجد الفرصة لفش غلنا والسلام، ولماذا أصلا هذا الغلّ وكأن لحوم الحمير تم ضبطها فى المجمعات الاستهلاكية التابعة لوزارة التموين؟