لم يكن أكثر الناس خيالًا يتصور ما وصل إليه الحال فى ليبيا، وأن يأتى اليوم الذى يتبادل فيه داعش والقاعدة التكفير، ويوظف كل منهما أقصى ما لديه من حيل تكفيرية لإثبات أن الآخر من الخوارج. ويتبادل القاعدة وداعش التكفير والقتل، والضحية هى الشعب الليبى الذى يواجه هذه الكائنات المختلة بعد أن تصور أنه يريد الهروب من متسلط مخبول، فإذا به يجد نفسه أمام كائنات متسلطة ومخبولة، فضلًا على كونها تتستر بالعقيدة. وهو إجرام خارج سياقات العقل والمنطق.
مدينة درنة، شرق ليبيا، استقر فيها بعد سقوط القذافى، وزحف نحوها ما يسمى مجلس شورى مجاهدى مدينة درنة، الاسم التجميلى لتنظيم القاعدة، أو بعض فلوله، والذى يضم ليبيين، وأغلبه أجانب من بلدان العالم، واستمر التنظيم يحكم درنة حتى قرر تنظيم داعش تكفير القاعدة . ويضم تنظيم داعش هو الآخر تشكيلة من الإرهابيين من دول مختلفة، يجمعهم حب القتل والدم والتخريب، وداعش درنة كانت تحت قيادة الأنبارى وهو عراقى.
داعش هاجم درنة، ووقع صراع بين التنظيمين بعد مقتل ناصر العكر، أحد زعماء عصابات القاعدة، ومساعده على يد عصابات داعش. والعكر تكفيرى قاعدى سجن لفترة فى بريطانيا بتهم تتعلق بالإرهاب. واتهم مجلس القاعدة فى درنة داعش باغتياله وتعهد بالثأر له، ووقعت مواجهات خلفت تسعة قتلى من داعش الذى بدأ تابعًا للقاعدة، لكنه انشق فى سوريا والعراق.
القاعدة هاجم داعش، ويؤكد أنه من الخوارج، ومعروف أن داعش تجاوز فى دمويته القاعدة، لدرجة أن التنظيم تبرأ من عنف داعش الذى يسعى منذ عامين لإقصاء القاعدة من درنة التى أعلنها إمارة إسلامية.
وقد دفع عدد من مواطنى درنة حياتهم ثمنًا لصراع التنظيمات التكفيرية، لمجرد أن المواطنين خرجوا فى مظاهرة بعد صلاة الجمعة يطالبون التكفيريين بالخروج من المدينة التى خربها الإرهابيون.
درنة محاصرة من طرف قوات الجيش الليبيى، بقيادة اللواء خليفة حفتر، والصراع داخلها بين التكفيريين من القاعدة وداعش، ويرفض التكفيريون الاعتراف بالدولة المدنية، ما جعل درنة تتخلف عن جميع الانتخابات السابقة، ويمتد صراع القاعدة وداعش إلى مناطق أخرى، منها سرت بوسط ليبيا التى يسيطر عليعا داعش.
كل هذا الصراع بين القاعدة وهى التنظيم الذى كان مثالًا للإرهاب، أصبح متهمًا من قبل داعش الذى يرى القاعدة تنظيمًا هشًا، وغير ملتزم بالدين، هذا باعتبار داعش تنظيم لرعاية الأخلاق الحميدة.