بعد أيام قليلة يأتى الشهر الكريم الذى نترقبه من العام للعام.. وفيه تغتسل أرواحنا من الذنوب، وترتوى أجسادنا من الفضيلة، ونحاول أن نمحو فيه ما تأخر من سقطات وأخطاء ومسالب، شهر رمضان يأتى هذا العام مواكباً مع مرور عام على تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى رئاسة مصر.. وهى مناسبة نطلب من الله عز وجل أن تنهض مصر، وتخرج من كبوتها ويزداد بريقها عالمياً ومحلياً.. شهر رمضان ليس ككل شهر.. فهو شهر المصارحة مع النفس ومواجهة الحقائق فى ضوء من المكاشفة.. أحس منذ بداية رمضان أن روحى تطير إلى السماء، وأننى أعيد اكتشافها من جديد كأنها تولد فى الحال طازجة، بريئة، دافئة،
خالية من الشوائب، وكأنها تحولت إلى بللورة نقية، أو لؤلؤة لا تقبل أن تعيش وسط كائنات البحار الأخرى مهما كانت قيمتها.. شهر رمضان يصطفى من أجسادنا كل ما هو نفيس، ويطرد الخبائث والنوايا الشريرة، وهو الذى يبعث فينا الثقة فى النفس، أحس أننى أتصالح مع الدنيا جميعها، وأن مواقف الخصام والخلاف وسوء النية قد انهزمت وهوت إلى غير رجعة، هذا هو شهر الروحانيات، حيث تتصارع فيه القيم المثالية مع الشر فترديه قتيلاً.. هو شهر التسامح، حيث لا تعرف فيه التكبر والغرور والتعالى على أبناء الجنس البشرى.. بل إن التسامح والعطف يكونا مع كل الكائنات، إنه شهر المحبة تتعالى فيه صياغة الوجدان،
ويكتفى الإنسان بالعبادة وبالتقرب إلى الله الواحد الأحد.. هذا الشهر يرصد من خلال أرواحنا هذا الزخم المقدس الذى تحجبه غيوم الأزمات اليومية، والذى قلما نحس به فى هذا الطوفان اليومى من الاشتباكات مع المشاكل وتراث الإزعاج المحيط بنا من كل جانب، نغتسل فى هذا الشهر المعظم من كل ما يحيط بنا، مما يكدر صفو الحياة واللهو، وكل ما يرغب أن يدنو بنا نحو الأسفل، هذا الشهر نرتبط به بميثاق وعهد ونجدد من جلودنا الميتة، ومن أرواحنا حين يلوثها تراب الدنيا ودخان المعاصى، شهر رمضان عندى هو العودة للطفولة، والبلدة الطيبة وجلسة الأولاد حول الألعاب المتداولة، والجرى نحو مدفع الإفطار بانتظار الإفطار اليومى.. لا أنسى هذه الذكريات.. لا أنسى أمى، رحمها الله، وهى تدفئنا بحنانها واحتوائها لنا.. وكأننا نكبر يوماً بعد يوم فى أحضانها التى لا مثيل لها.. بلدتى لا تزال تحلم برمضان، وليالى رمضان، والشهر مع
الحكاوى والمزمار.. تحلم بلدى مثلما كنا نحلم ونحن صغار، ومثلما نحلم حتى اليوم.. وحتى يومنا هذا.. لا يرتاح لى بال إلا أن أستقبل الشهر الفضيل فى مدينتى زفتى، وفى أحضان معارفنا وأصدقائنا، أقضى الأيام الأولى فى بلدتى.. وأقضى ليلة القدر فى بلدتى أيضاً، لأن لها مذاقا آخر وطعما آخر ورؤية أخرى، ورؤيا أترقبها كل عام فى هذه الليلة المقدسة التى تعيدنى إلى ذكرى أحبائى الراحلين.. شهر رمضان هو شهر الخير والتفانى من أجل الحب.. فى هذا الشهر نرجو من الله سبحانه وتعالى أن يعيد مصر رائدة كحقها فى المنطقة العربية، بل والشرق الأوسط، وأن يثبت الله أمنها وتكون دائماً على خطى التطور والانطلاق نحو حضارة كبرى.. نطلب من الله أن يلم شمل المصريين والعرب فى هذا الشهر الكريم.. نطلب من الله أن
تختفى الخصومات وتذوب الفرقة، وتنتهى الخلافات، ويوفق الله رئيسنا السيسى ليكون رمزاً للأمن والأمان والعدل بإذن الله.. نطلب من الله عز وجل، أن تنمو طاقات المصريين وتعلو هامات الشباب، وترتقى الصناعات وتمتد الزراعات المصرية، وتكثر الأنشطة، وتبرد الصدور، وتنطلق العقول وتستيقظ الأفئدة، وتنشط الذاكرة المصرية لتعرف من هو المصرى.. وما هو تاريخه وما هو ثراه، لابد من ربط التراث بالمعاصرة.. نطلب من الله وهو شاهد علينا.. والله خير حافظ لبلدنا.. ولأمنها ومستقبلها.