أغلب الناس تأخذ فكرة الإلوهية بسطحية وببساطة، لاتتناسب مع الفكرة الرفيعة أو المقدسة أو تأخذ فكرة الإلوهية كفكرة مسلم بها مثلها مثل فكرة الشمس تشرق من الشرق وتغرب فى الغرب دون أدنى محاولة للنظر فى الأمر أو التفكير فيه وإذا سألتهم عن السموات والأرض، وبحر النجوم، الذى يسبح فى الفضاء اللانهائى وعن البحار وما فيها من عجائب المخلوقات وعن الحيوانات البرية وعن الزواحف فإن رد فعلهم غالبا يكون سلبيا أو يكون هروبا مضحكا مبكيا، أو يكون رد فعلهم هو إنكار المعرفة بهذا الموضوع وكأن أمر وجودهم ووجود العالم، الذى يعيشون فيه ليس بأمر المهم.
الله الإله الأعظم ذكرهم فى القرآن بموقف الاعتراف الأول عندما قال للخلق جميعا قبل الخلق فى عالم الذر "ألست بربكم؟" قال الخلق جميعا "بلى"، وقال رب العزة: "وأنا معكم من الشاهدين. ولو نظر الخلق جميعا فى أعماق قلوبهم لوجدوا هذه الشهادة قد حفرت فى صدورهم وأقروا بالوحدانية المطلقة لله الذى قدم للإنسان أمورًا كثيرة ليتفكر فى الكون المحيط به حتى يصل بالفكر المجرد الى حقيقته العظيمة فى الكون كله وهى "لا إله إلا الله"، لقد نصحهم بأن يتفكروا فى خلق السموات والأرض، وأيضا أن يتفكروا فى أنفسهم ويتأملوا عظمة خالقهم.. إن البراهين الكونية والبراهين والآيات البشرية كفيلة بأن تجعلهم يسلمون بالوحدانية، وبالقدرة الإلهية، وقال العزيز الكريم عن الكون "السماء والأرض": "لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا".
ثم قربهم الله سبحان وتعالى من ذاته بصفاته وأسمائه وبدأ فاتحة الكتاب ببسم الله الرحمن الرحيم فأول اسم لذاته هو الله ويأتى معه اسم الرحمن "ادعوا الله أو ادعوا الرحمن فأيما تدعوا فله الأسماء الحسنى... " قال سيد الخلق غليه الصلاه والسلام "إن لله تسعة وتسعين اسما من حفظها دخل الجنة"، وحتى لايتوه العباد فبعد ذكره تعالى أسماءه قال لهم على لسان النبى الأتم عليه الصلاة وأذكى السلام إذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعانى". فالله رحمن يحب عباده فأشهدهم وقدم لهم البراهين الكونية والبراهين الأرضية والبراهين من ذواتهم حتى لا يضلوا ولا يتوهوا فهل هناك رب أرحم منه سبحانه.