تجربة إذاعة «شعبى إف إم» على موجة 95 تستحق الإشادة والتوقف عندها طويلًا، نظرًا لما وراءها من فكر وجهد وإبداع، وبقدر فرحتنا بانطلاقها فى بث تجريبى يناير العام الماضى، حزنّا لتوقف البث فجأة بعد أشهر قليلة، وعادت إلينا الفرحة بعد عودة البث بفضل جهود الإذاعى الكبير عبدالرحمن رشاد الذى تحمس للفكرة ودعمها بكل قوة، حتى تعود الإذاعة المصرية إلى مخاطبة جميع الفئات بمنهجها وفلسفتها دون إسفاف أو كلمات تجرح الأذن.
تستند إذاعة «شعبى إف إم» إلى تراث ضخم فى مكتبة الإذاعة، ربما لا تعرفه، ولا تسمع به الأجيال الجديدة التى اعتادت آذانها على التطجين والصخب المفتعل والهرتلة، فيما يسمى بالأغانى الشعبى للأيام التى نعيشها. أكثر من 3500 أغنية شعبية بأصوات الكبار من سيد درويش، وزكريا أحمد مرورًا بكارم محمود، وعبدالعزيز محمود، وعبدالمطلب، والعزبى، ورشدى، وبدرية السيد، وعبده الإسكندرنى، وعصمت عبدالجليل، ومحمد طه، وحفنى أحمد حسن، وانتهاء بأحمد منيب، وأحمد عدوية، وحسن الأسمر، وحكيم آخر جيل المطربين الشعبيين المعتمدين فى الإذاعة، بالإضافة إلى عشرات المسلسلات، والصور الغنائية النادرة التى عبرت عن الروح المصرية وشكلت وجداننا عبر عقود.
ومع ذلك يبقى مصير إذاعة «شعبى إف إم» مجهولًا، فتجربة توقفها المفاجئ تجعل من تطور التجربة- رغم الالتفاف الضخم حولها- أمرًا غير مؤكد، فإلى متى تظل فى مرحلة البث التجريبى، ومن يضمن الاعتمادات الخاصة بتطويرها واعتمادها نهائيًا حتى يمكن أن تحقق مردودًا تجاريًا فى صورة الإعلانات، وتفتح الباب لاعتماد المطربين والملحنين الشعبيين فى الإذاعة المصرية من جديد للقيام بمهمتها الأساسية، وهى الارتقاء بالذوق العام، وضبط مسار الهرتلة والفوضى الغنائية التى نعيشها.
أيضًا، أشعر أن الحماس الذى دفع الإذاعى عبدالرحمن رشاد، ومعاونيه لإطلاق فكرة إذاعة الشعبيات الحلوة قد فتر قليلًا، فأنا من عشاق هذه الإذاعة، وتقريبًا لا أسمع غيرها، وأستطيع ملاحظة كم التكرار فى باقات الأغانى المذاعة على مدى اليوم، بما لا يتجاوز 5% من التراث الشعبى الذى تمتلكه الإذاعة، فما السبب فى تراجع حماس القائمين على هذه الإذاعة الجميلة ؟ هل هو القلق من المستقبل، أم اليأس من أن يلقى مجهودهم المردود المناسب؟.. أقول لكل القائمين على إذاعة «شعبى إف إم»، أنتم تبذلون مجهودًا رائعًا، ولكم شعبية جارفة، لكن أرجوكم ألا تفقدوا حماسكم، وواصلوا الاجتهاد والتنقيب فى مكتبة الإذاعة لتعرضوا أكبر عدد من الجواهر الشعبية على مدى اليوم، ولا تستسلموا لليأس أبدًا لأن أجركم الحقيقى فى محبة الناس.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة