حسنًا فعلت وزارة الداخلية حينما تنازلت عن البلاغ ضد «اليوم السابع»، لذلك كان خالد صلاح موفقًا حينما وصف هذا الإجراء بـ«العاقل»، لكن كما يبدو لابد من فتح الحوار عن علاقة الداخلية بالإعلام والإعلاميين، ليس لصالح الإعلام بل لصالح الوطن، والمدهش أننى منذ أربعين عامًا أعمل بالصحافة عرفت أن هناك فى أمن الدولة قسمًا خاصًا عن الإعلام والصحافة، يتربع عليه ضابط كبير، وبالتقصى عرفت أن هذا القسم، وذلك الضابط يقوم بالتدخل فى كل صغيرة وكبيرة فى الصحافة والإعلام.
ورغم قيام ثورتى «25 يناير» و«30يونيو»، وبروز دور الصحافة الخاصة، والإعلام الخاص، مازال القسم والضابط يعملون، ليس لحفظ الأمن والإعلام من المؤامرات الداخلية والخارجية، بل لتجنيد الصحفيين لكتابة التقارير على زملائهم.
وقبل ظهور الإعلام الخاص والصحافة الخاصة كانت المناصب الرئيسية فى الصحافة الحكومية هنًا بتقارير هذا القسم بالجهاز، وبعد دخول القطاع الخاص إلى سوق الإعلام والصحافة، استخدم الجهاز ما تبقى من الصحفيين الموالين للاختراق، ولعب الجهاز دورًا محوريًا فى السير نحو توريث جمال مبارك، وغيرها من الأخطاء الكبرى التى ساهمت فى أحداث ثورة 25 يناير، وحملة «الكراهية» لوزارة من أهم وزارات الوطن، وجهاز وطنى بامتياز، ورغم ذلك وجدت نفسى أكتب دفاعًا عن جهاز أمن الدولة حينما هاجمه الإخوان والسلفيون، قناعة منى بالدور الوطنى للجهاز، لذلك كله العاقل من يتعلم من أخطائه، وآسف إن كنت أعتقد أن الرئاسة هى التى تدخلت لحل الأزمة، وليس أدل على ذلك من أن الداخلية لو كانت تدرك خطورة البلاغ ما كانت تقدمت به!
لا نغفل تضحيات الداخلية، وجهاز الأمن الوطنى، والشهداء الذين رووا بدمائهم أرض الوطن دفاعًا عنا جميعًا، لذلك يجب على الداخلية أن تدرك أن الخصومة بينها وبين الصحافة والصحفيين تصب فى صالح الإرهاب، والأهم أن يدرك القائمون على الجهاز أن الرؤية القديمة للتعامل مع الصحافة والصحفيين لن تكون لصالح الطرفين أو الوطن، ولابد من تغيير هذة الرؤية البالية.
يبقى أن نحيّى مجلس نقابة الصحفيين بقيادة النقيب الجديد يحيى قلاش، وموقفهم الصلب دفاعًا عن الحرية للوطن والصحافة، وإن كان هذا الموقف ليس غريبًا عن نقابتنا العتيدة، ولا نقيبنا المناضل قلاش، ولا يفوتنى إلا أن أتمنى على الصحفيين توخى الحذر فيما ينشرون.. وكما دافعنا عن حرية الصحافة، لابد أن ندافع عن حقوق الوطن والمواطنين.. أتمنى أن يتم برتوكول تعاون بين النقابة والداخلية، بدلًا من «تجنيد واختراق الصحافة والإعلام» حرصًا على الداخلية والإعلام والوطن، ولا يفوتنى أن أحنى هامتى لكل قطرة دم بذلها أبناء الداخلية.