محمد الغيطى

مستشفى كفر الشيخ العام نموذجاً

الخميس، 18 يونيو 2015 10:03 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكتب منذ ما يقرب من ثلاثين عاما عن انهيار المنظومة الصحية فى مصر وتدنى الخدمة فى المستشفيات العامة، وكم أطلقت عليها خرابات الصحة، وخلال السنوات الماضية كتبت تلالا من المقالات عن الصحة والطب فى مصر، وكنت ولا أزال على يقين أن آدمية المصرى لا ولن تتحقق إلا بتوفير حق التعليم الجيد والخدمة الصحية الجيدة، ومن دواعى الأسى أن مصر تأتى فى ذيل القائمة الدولية أو (الاستاندر العالمى) فى المجالين الصحة والتعليم، ولأننى اقتربت من معظم وزراء الصحة بحكم المهنة والتواصل مع شكاوى الناس الغلابة الذين يتصورون أن صاحب القلم فى يده عصا سحرية والحكومة تعمله حساب كنت أشعر بخيبة الأمل من ردود المسؤولين على هذه الشكاوى. وعندما جاء وزير محترم اسمه د. فؤاد النواوى، وحاول التصدى للمافيا داخل الوزارة وقف له الإخوان بالمرصاد أيام مرسى ووصل الأمر إلى أنه عرض مشروعا كاملا للتأمين الصحى، وكان عصام العريان رئيس اللجنة الصحية بالشورى، فقال له: مش وقت تأمين صحى يا دكتور إحنا عندنا ما هو أهم وهو تثبيت الدولة وكان يقصد تمكين الإخوان، وأثناء انفعال الوزير المحترم على مسؤولى العلاج على نفقة الدولة داهمته أزمة قلبية من هول ما سمع ونقل للمستشفى ثم اعتذر عن الوزارة لأسباب صحية، أذكر هذا المثل الذى لا يعرف عنه أحد شيئا لأبين أن المنظومة الصحية لن تنصلح بين يوم وليلة وتحتاج جهودا جبارة وميزانيات ضخمة لبناء مستشفيات وأجهزة، والأهم عمالة من أطباء وممرضين وصيانة أجهزة ومرتبات عادلة للأطباء والممرضين، كما هو بالخارج، حتى نطلب من الطبيب التفرغ للخدمة العامة ونحاسب من يفتح عيادة خاصة ويترك عمله أو يعمل بربع طاقة، لأنك ستذهل عندما تعرف أن مدير المستشفى وبعد تخرجه فى الكلية بعشرين عاما مرتبه لا يتجاور ثلاثة آلاف جنيه ورئيس القسم ألف وخمسمائة فما بالك بالطبيب النائب! قيل لى إنه لا يتحصل على أربعمائة جنيه بعد الزيادة، ورغم كل ذلك هناك من يعملون فى مستشفيات الحكومة بمنتهى الإخلاص ولا يدخرون جهدا فى تقديم نموذج محترم للطبيب المصرى، وقد رأيت ذلك فى أجلى صوره بمستشفى كفر الشيخ العام، ولن أبالغ إذا قلت، إنه لا يقل بل يتفوق على أكبر مستشفى خاص واستثمارى فى القاهرة، وعندما جلست مع مديرة مديرية الصحة بكفر الشيخ الدكتورة لميس فتحت أمامى طاقة أمل أنه لا يوجد مستحيل، إذا خلصت النوايا، تعمل كخلية نحل مع فريق من المخلصين الشرفاء الذين يمارسون الطب كرسالة مع اعترافهم بنقص الإمكانات وكثافة أعداد المرضى وتزايدهم، وقد حكت لى الدكتورة لميس أنها كانت تبيت بالمستشفى أثناء الانفلات الأمنى ورغم هجوم البلطجية، وعدم وجود الشرطة بعد يناير، وكذلك الدكتور علاء طولان الذى جعل المستشفى المركزى بكفر الشيخ مثلا يحتذى يذكرك بقصر العينى فى عصره الذهبى وهو يتواجد فى مكتبه من الثامنة صباحا وحتى الثانية ليلا، ومكتبه مفتوح لأى مواطن والابتسامة لا تفارقه وكذلك د. طارق الشربينى مسؤول الرعاية وكل فريق عمله، بصراحة حاجة تفتح النفس وتجعلنى أطالب وزير الصحة المهموم نظيف اليد د. عادل العدوى الذى يتواصل معهم يوميا بأن يدرس تجربة نجاحهم ويعممها فى أنحاء مصر، أعلم أن البعض قد يتصور أننى أبالغ خصوصا والهجوم على وزارة الصحة متصاعد هذه الأيام وبالموقع الإلكترونى للنقابة ينشر صور مزرية فى بعض المستشفيات، لكن كنت أتمنى أن تطرح النقابة الحلول مع الوزير بدلا من لعن الظلام والتركيز على نصف الكوب الفارغ. تحية للعاملين بمستشفى كفر الشيخ المركزى، وكل حلمى أن أجد نفس النموذج فى مراكز بلطيم ودسوق ومطوبس والحامول وبيلا خصوصا، وقد علمت من الدكتورة لميس أن القوات المسلحة وبأوامر من الرئيس تقوم على بناء وتجهيز هذه المستشفيات خلال العامين المقبلين، وأخيرا أحلم باليوم الذى لا يوجد فيه مريض لا يجد سريرا أو دواء بمستشفى عام، وأن تغلق كل مستشفيات السفاحين من سماسرة الطب الاستثمارى، هل يأتى هذا اليوم؟ لا بد أن يأتى.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة