ونحن على أبواب ذكرى ثورة 30 يونيو، يتجدد السؤال: هل كانت ضرورة؟
وكالعادة فإن الأحداث التاريخية الكبيرة تظل الأسئلة المطروحة حولها حاضرة فى كل زمان، فحتى الآن مازالت الأسئلة حاضرة حول أحداث مضى عليها قرون طويلة، ونقرأ الإجابة عنها بشغف كبير، فما بالنا بحدث مثل 30 يونيو نحن جميعا شهود على وقائعه، غير أن الأسباب التى تدفعنى إلى طرح هذا السؤال هو المفاجأة التى أوقفنى البعض عندها وهى إعلانهم صراحة ندمهم على المشاركة فيها، وبالتالى سحب اعترافهم بها، قرأت هذا لأصدقاء أثق فى وطنيتهم فى صفحاتهم الشخصية على الـ«فيس بوك»، وحتى لا يتسرع البعض بالصيد فى الماء العكر أؤكد أن هؤلاء جميعا من أشد أعداء جماعة الإخوان، ليس بعد ثورة 25 يناير وفقط، وإنما من زمن نظام مبارك.
مواقف هؤلاء تحتاج إلى مناقشة، ومن الضرورى التذكير بأنه ليس معنى وجود أخطاء فى تطبيق خريطة طريق 30 يونيو فإن ما قبلها كان صحيحا فى مساره السياسى، فالقراءة على هذا النحو ستعطى نتائج مخلة، وتنتصر لمسارات سياسية كانت فى مجملها خاطئة، وحظيت برفض شعبى واضح وواسع، ومهما كان الخلاف مع ما يحدث الآن والذى يصل إلى حد الغضب منه فإنه لا ينسينا أبدا الحالة التى كان عليها حكم «الجماعة»، والخطر الكبير الذى كانت تقودنا إليه ليس بالنسبة لمصر وفقط، وإنما لعموم المنطقة كلها، ولعل ما حدث فيما بعد من أحداث إقليمية يفسر لنا ذلك، فغضب قطر دليل، وتصرفات أردوغان فى تركيا دليل أكبر، وغضب الإدارة الأمريكية دليل أشمل، ثم ظهور داعش بتواطؤ بين هؤلاء جميعا يبدو وكأنه عصا تأديب للمنطقة كلها.
وبالرغم من ذلك فإن التعامل مع وجهات النظر النادمة على مشاركتها فى ثورة 30 يونيو باستهانة هو خطأ كبير، والهروب من مواجهتها إلى القول بأنها تعاطف مع جماعة الإخوان سيكون استسهالا واختصارا مخلا، وجهل بقراءة جانب من اللحظة التى نعيشها والمتمثلة فى تفكك الحلف السياسى الواسع الذى صنع حالة 30 يونيو، وخرج يومها لإسقاط حكم جماعة الإخوان ومندوبها فى رئاسة الجمهورية محمد مرسى، وبناء على كل ذلك تأتى أهمية مناقشة الحالة التى نحن بصددها.
.. ونواصل