فى بداية سيرته الذاتية «حكايات من زمن فبراير» يكتب «مختار الجدال» أنه عندما خرج من مدينته «العجيلات» قاصدا مدينة الثورة «بنغازى» لم يكن يدور بخلده أنه سوف يصبح عضوا فى المجلس الانتقالى، أو أنه سوف يصطدم بالإخوان المسلمين، ويكتشف مؤامراتهم مبكرا، وأنه عندما صرخ عبر وسائل الإعلام لينبه الجميع عما يجرى، لم يسمعه أحد، فقد كان الليبيون منتشين بانتصار الثورة، لكنهم عندما ذهبت السكرة وبانت الفكرة واستفاق بعض الليبيين من نشوتهم، كانت الواقعة قد استحكمت حلقاتها وسرقت الثورة، ومن المستحسن أن نتوقف قليلا لنستعرض كيف تشكل المجلس، والمجلس الوطنى الانتقالى المؤقت الليبى تشكل يوم الأحد 27 فبراير عام 2011 أثناء اندلاع ثورة 17 فبراير الليبية، التى انطلقت عام 2011 فى عدة مناطق من ليبيا، مطالبة برحيل «معمر القذافى» عن السلطة الذى كان يحكم البلاد منذ نحو 42 عاما.
وبناءً على التوافق بين المجالس البلدية فى مختلف المناطق المحررة من حكم السلطات الرسمية، تم يوم السبت 5 مارس 2011 اختيار وزير العدل المنشق عن نظام القذافى «مصطفى عبد الجليل» رئيساً للمجلس الوطنى الانتقالى المؤقت، والمحامى «عبدالحفيظ عبد القادر غوقة» نائبا له وناطقا رسميا باسم المجلس، وانتخب المجلس فى 31 أكتوبر 2011 «عبد الرحيم الكيب» رئيساً للحكومة الانتقالية التى سوف يتم تشكيلها بعد ذلك، وتقرر تشكيل «المجلس الوطنى الانتقالى المؤقت» ليكون «الممثل الشرعى الوحيد للشعب الليبى»، وواجهة للثورة الشعبية المتواصلة التى أسفرت عن سقوط مدن بشرق البلاد، ومناطق أخرى بغرب البلاد فى أيدى المتظاهرين، وأكد المجلس عند تشكيله أنه ليس حكومة مؤقتة، وإنما «واجهة للثورة فى الفترة الانتقالية»، مع العلم بأنه لم يكن فى «ليبيا» دستور يحكم البلاد خلال فترة حكم «معمر القذافى» مما أثار مخاوف من حدوث فراغ بعد سقوط نظام «القذافى»، وتم وضع الهيكلية على أن يتكون المجلس الانتقالى من ثلاثين عضوًا يمثلون كل مناطق ليبيا وكل شرائح الشعب الليبى، على ألا تقل عضوية الشباب فيه عن خمسة أعضاء، ويختار المجلس من بين أعضائه رئيسا وناطقا رسميا ومنسقين لمختلف المهام الداخلية والخارجية، وعقد اجتماع تأسيس المجلس الوطنى فى مدينة «البيضاء» فى 23 فبراير 2011، وحضر ذلك الاجتماع العديد من بعض سياسيين وضباط عسكريين سابقين، وزعماء عشائريين وأكاديميين ورجال أعمال.
ترأّس الاجتماع وزير العدل السابق «مصطفى عبدالجليل» الذى استقال من الحكومة، وناقش المجتمعون العديد من الاقتراحات للإدارة المؤقتة، وعقد أول اجتماع رسمى له يوم السبت 5/3/2011 فى مدينة «بنغازى»، وعين وزير العدل المستقيل «مصطفى عبدالجليل» رئيسا له، وكشف عن أسماء ثمانية من أعضائه الـ31، لكنه فضل عدم التصريح ببقية الأسماء لأسباب أمنية، وتم تعيين «عبدالحفيظ عبد القادر غوقة» نائبًا لرئيس المجلس وناطقا رسميا باسم المجلس، وكُلّف الأمين السابق لمجلس التخطيط الوطنى «محمود جبريل» بمنصب المسؤول التنفيذى، وهو بمثابة رئيس الوزراء ومسؤول الشؤون الخارجية، وسفير ليبيا المستقيل فى الهند «على العيساوى» نائب للمسؤول التنفيذى، و«عمر الحريرى» بالشؤون العسكرية، وهو من الضباط الوحدويين الأحرار الذين نفذوا «ثورة الفاتح» مع القذافى فى سنة 1969، وعين السفير المستقيل لدى الأمم المتحدة «عبدالرحمن شلقم»، ممثّلا لدى المنظمة الدولية، ومن بين الأعضاء أيضا «أحمد الزبير»، وتم تعيين «سلوى الدغيلى» مسؤولة الشؤون القانونية وشؤون المرأة، كما عين المحامى «فتحى تربل» وهو الذى كان قد تكفل سابقا بملف مجزرة أبو سليم، كما تم تعيين «فتحى البعجة» وهو أستاذ علوم سياسية، واتفق الجميع على أن المجلس ليس حكومة انتقالية، وأن المجلس يريد تحويل مقره من «بنغازى» إلى «طرابلس» التى كانت لا تزال تحت قبضة العقيد القذافى، وجدد المجلس دعوته إلى ضربات جوية أممية ضد قوات القذافى التى اتهموها باستعمال مرتزقة أفارقة، وللحديث بقية.
براء الخطيب
عن «مختار الجدّال» عضو المجلس الانتقالى الليبى والإخوان المسلمين «2»
السبت، 20 يونيو 2015 03:02 م