بدأت أمس الكتابة عن «أبناء 30 يونيو الغاضبين» وأستكمل:
«أبناء 30 يونيو الغاضبين» هم الذين عارضوا حكم جماعة الإخوان بقوة، وبذلوا كل الجهد من أجل لحظة 30 يونيو التاريخية، التى تم فيها عزل محمد مرسى، وبعضهم يعلن الآن ندمه على المشاركة، ومعهم أناقش عددا من الحقائق التى لا يجب أبدا أن ننساها مهما كان غضبنا من اللحظة الحالية.
نجح «مرسى» فى الانتخابات الرئاسية عام 2012 كمرشح للإخوان، وأمل الجميع أن يعى الرجل بأنه يحكم مصر، بتنويعاتها السياسية والفئوية والدينية والعرقية، هذه التنويعات التى أصبحت خلطة واحدة مع تقلبات التاريخ، فواجهت غزاة ومحتلين ومستبدين.
والشعب الذى يدفع الثمن عبر تاريخه حتى يصل إلى هذه الدرجة من الانصهار، ويجعل من هذه التنويعات «موحدات حضارية» تعطيه قوة، لا يمكن أبدا أن يقبل بمن يأتى ليحول هذه «الموحدات الحضارية» إلى خصوصيات قاسمة، بحسب تعبير قديم لعالم الاجتماع الدكتور سعد الدين إبراهيم، أى اللعب بكل الأوراق التى تفرق وتمزق، مثل اللعب بورقة الدين، فوجدنا قضايا «التنصير»، ودعوة المسيحيين إلى دخول الإسلام، وصراع الشيعة والسنة، ولنتذكر أنه حين سافر مرسى إلى إيران لتسليم قيادة قمة عدم الانحياز إلى طهران يوم 16 أغسطس 2012، كان مطلع كلمته نموذجا فى اللعب بورقة الشيعة والسنة، قال: «الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى وسلم عليه وعلى آل بيته وصحبه، وأرض اللهم على سادتنا أبى بكر وعمر وعثمان وعلى وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين».
بدا «مرسى» من هذا المطلع الافتتاحى أنه يخاطب فئات معينة تهمه ويهمها، فهو فوق الأرض الإيرانية وأمام الشعب الإيرانى، يتحدث عن أبى بكر وعمر وعثمان، بزعم أن الشيعة لا يحبونهم، وحين يتحدث هو بهذه الطريقة، فهذا يعنى طبقا لتصوراته أنه يحقق فتحا مبينا.
لم يتحدث بوصفه رئيس مصر، وإنما بوصفه رئيساً لأبناء المذهب السنى، قرر أن يصارع أبناء الشيعة فى معقلهم، فالتقط اللغة التى تؤجج الصراع وتفتح باب جهنم على المنطقة، فيتحقق بكل راحة ما تشمله أجندة إسرائيل للمنطقة، وفيما بعد استمعنا إلى فيديوهات له فى لقاءاته مع سلفيين أثناء دعايته الانتخابية يتحدث فيها عن الشيعة كيهود، وبدا أن كلمته أمام قمة عدم الانحياز وكأنها وبطريقة غير مباشرة تنفيذ لوعد قطعه للسلفيين بمحاربة الشيعة، وكان ذلك ترجمة حقيقية للعب بورقة «الخصوصيات القاسمة».. وخطوة نحو 30 يونيو.. ونتابع.