يحمل الجميع المثقفين مسؤولية تردى الأحوال، ويقال فى سياق الكلام إنهم منعزلون عن الواقع ويعيشون فى أبراج عالية ويتحدثون لغة لا يفهمها الناس وما إلى ذلك من كلام يروج له الإعلاميون الذين يشكلون الرأى العام بمبالغ فلكية يدفعها لهم أعداء الثقافة، لقد نجح السادات ومبارك ومرسى فى حصار المثقفين، وجندوا مثقفيهم «الخصوصيين» لإتمام المهمة، ستجد المثقف فى الأعمال الدرامية شخصا غير طبيعى ومتحذلقا ولا يهتم بمظهره ومحل سخرية الكوميديان الكبير والغير والمتوسط، ستجده مكتئبا ويدخن بشراهة وعدميا ومنحل أخلاقيا، صورة رسمها الاستبداد لهم، وترك حلفاءه يوزعونها على الناس إلى الآن، والنتيجة كما ترون، الذين ينشرون الجهل والخرافات، والذين تحالفوا مع الحكام السابقين على حساب الحقيقة، والذين اقتسموا السلطة والثروة مع الذين ثار عليهم الشعب، هم الذين يحددون الوطنى من الخائن.
المثقفون المصريون لا يحتاجون دفاعا من أحد، لأنهم أنبل ما فى هذا البلد، ولولاهم لكان مصير مصر مرعبا، لم يتربحوا من السمسرة التى امتهنها الذين يحاربونهم، لم تشملهم الرعاية التى وزعت الأرض والفضائيات على من لا يستحق، لم يأخذوا حصة من بيع القطاع العام، لم تعطف عليهم الرأسمالية العالمية بتوكيلات، لم يشكل أحدهم وزارة أو حزبا خصوصيا يطالب من خلاله بالمجد.
لقد خاض المثقفون طوال تاريخهم معارك مصر الحقيقية بدون تعليمات من السياسيين وبدون مقابل، تعرضوا للسجن والاغتيال المادى والمعنوى أكثر من غيرهم، هم الذين يخوضون معركة الديمقراطية منذ قرن، هم الذين تصدوا للفاشية الدينية ودفعوا الضريبة، هم الذين تصدوا للتطبيع مع العدو الإسرائيلى، هم مصدر إلهام ثورة يناير، هم الذين وقفوا ضد الخصخصة وبيع القطاع العام، هم الذين يعرفون قدر الجيش المصرى وآمنوا برسالته، هم الذين ينتجون معرفة حقيقية بعيدا عن نخاسى المزايدات فى الفضائيات، هم الذين يعيشون بين الناس ويحسون بهم، المثقفون المصريون لن يدخلوا اللعبة لأنهم يخوضون معركتهم بعيدا عن الصفقات الآنية، هم ضمير هذا البلد الذى لم يلوث، والذين يشتمونهم ويقللون من شأنهم الآن.. لاقيمة لهم.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة