أصبحنا فى زمن هانت فيه الجنسية المصرية، وأصبح حمل الجنسية الأجنبية نوعا من الحماية أو التأمين أو الوجاهة الفارغة، أو حتى للتعالى على خلق الله. ومع ازدياد عدد المشاهير واللصوص والسياسيين والمتهمين الحاصلين على جنسيات أجنبية، أصبحت مسألة الجنسية هذه علامة على الولاء المشكوك فيه والمواطنة الناقصة. أحمد منصور مذيع الجزيرة الإخوانى المدان غيابيا فى قضية تعذيب محام وهتك عرضه فى التحرير، عندما تم توقيفه وحبسه احتياطيا فى ألمانيا بناءً على نشرة تتبع من الإنتربول المصرى كشف عن حمله الجنسية البريطانية، وطالب فى حالة إدانته بتسليمه إلى بلده بريطانيا وليس إلى بلده الأم مصر.
حال أحمد منصور هو نفسه حال معظم قيادات جماعة الإخوان الإرهابية وكثير من قيادات نظام مبارك على السواء، فقيادات الإخوان المزروعون فى الخارج وفق الترتيب الهرمى الماسونى للجماعة والمتقاطع مع أجهزة المخابرات فى كبرى الدول الغربية، رجعوا مصر لتنفيذ مهام محددة وعندما فشلت هذه المهام بعد ثوره 30 يونيو وسقطوا فى المحاكمات القضائية، رفعوا الجنسيات الأجنبية على أسنة الرماح واحتكموا إلى سفراء وقناصل بلادهم الأجنبية التى تغطى جرائمهم، وبعضهم تنازل عن جنسيته المصرية مقابل المغادرة حتى لو كانت مغادرة بلا عودة.
ورجال مبارك أيضا فى نفس الخندق، عندما سقط الديكتاتور بعد ثورة 25 يناير المسروقة، هرب الأذكياء من المركب مبكرا إلى بلادهم الثانية التى تحميهم وفيها ثرواتهم المنهوبة من البلد الأم، ولننظر ماذا يفعل حسين سالم حاليا وكيف يعيش فى إسبانيا التى باع لها الغاز المصرى بتراب الفلوس فى صفقة مشبوهة مازالت لغزا حتى الآن، ولننظر كيف يتنقل رشيد محمد رشيد بين أوروبا والخليج وكيف يعيش يوسف بطرس غالى فى بريطانيا، وغيرهم كثيرون، لنعرف أن المماليك كانوا يحكموننا طوال عقود فى العلن أو فى الظل، سواء رفعوا شعار الدولة المدنية أو إسلامية الدولة كقميص عثمانى.
ومع ذلك ما زالت الجنسية المصرية هى كل ما تعرفه الأغلبية الكاسحة من المواطنين الذين يعيشون ببساطة على ترابها، وهم يأملون فى الستر والصحة فقط، يكدحون طوال العمر ويربون العيال، ويغادرون الدنيا وكل زادهم السيرة الحسنة، وكل أحلامهم أن يكون البلد أكثر رحابة وقدرة على احتضان أبنائه والسماح لهم بحياة إنسانية.
ليس كثيرا ما يطلبه المصريون الذين لا يحتمون بالجنسيات الأجنبية من المسئولين فى بلدهم، وليس كثيرا أن يطمعوا فى مستقبل أفضل وحياة أكثر إنسانية وأمانا لأبنائهم، فهم على الأقل لا ينفذون أجندات ومهاما خارجية.. فمتى يتحقق لهم ما يتمنون؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة