اتسعت ظاهرة الإعلانات الرمضانية التى تطلب تبرعات وتحث الناس على التبرع لمشروعات خيرية، جمعيات للطعام، ومراكز علاج، ومستشفيات للسرطان والأطفال والقلب وغيرها، مئات الدقائق الإعلانية لا نعرف ما إذا كانت مدفوعة أم أنها مجانية، وهى نقاط من المهم توضيحها ليعلم المتبرعون أين تذهب أموالهم، لأن إنفاق أموال التبرعات على الدعاية من دون رقابة يضعف إحساس المتبرعين بجدوى ما يقدمونه.
هناك جدل حول شكل هذه الإعلانات التى تتخذ شكل الاستجداء، بينما تغيب صورة مجتمع أهلى يقوم على قواعد واضحة يمكن أن تساهم فى تنمية الوعى، ومن التزاحم والتنافس يظهر الأمر كأنه عملية استجداء و«شحاتة»، وليس حالة تضامن أهلى تحترم المشاعر وتساهم فى رفع الوعى. ومع افتراض حسن نية، كل هؤلاء الذين يعملون فى مجالات الخير والجمعيات والمراكز، لا يمكن إنكار آلة التزاحم والتنافسية الظاهرة لجذب المتبرعين، وبعض المجالات متشابهة لا تخلو من تشويش وتداخل، وبعضها يخاطب العواطف بصور غير موفقة أو فى توقيتات غير مناسبة. ثم إن بعض هذه المراكز تواصل الإعلان عن طلب تبرعات من دون أن تعلن مراحل التقدم فى هذا المشروع أو ذاك، حتى يدرك المواطنون حجم التقدم، ولا مانع من نشر صور أو فيديوهات بالمراحل التى بلغها المشروع وعدم الاكتفاء بماكيتات وإعلانات تؤكد أن هذا المركز لعلاج السرطان يقبل الكل، خاصة أن وجود ملايين المرضى خارج الرعاية أو الاهتمام، بل وتدنى مستوى الخطمة فى المراكز العامة، ومن المهم أن تكون الجهود الأهلية والخيرية\ فى خط مواز للخدمة التى تقدمها الدولة، حتى لا يبدو الأمر كأنه منافسة وليس تكاملا وخدمات إضافية. لدينا تجارب واضحة ونتائج للتبرعات تظهر فى مستشفى مثل سرطان الأطفال، أو مركز مجدى يعقوب للقلب، وبعض جمعيات الخير والطعام، لكن هناك مشروعات أخرى لا أحد يعرف إلى أين وصلت. يضاف إلى ذلك أن الإعلان عن حجم التبرعات التى وصلت لمركز أو جمعية بموازنة معلنة يطمئن المتبرعين ويشجع آخرين على التبرع. الأمر فى حاجة إلى ضبط وشفافية أكثر، مع العلم أن مصر عرفت خلال عقود الكثير من المؤسسات والمستشفيات أقيمت بجهود أهلية، من أفراد أو جمعيات، وعن طريق الأوقاف، وكانت تجارب واضحة وناجحة، ولم تكن تضغط بكل هذا الكم من الدعاية. ونفس الأمر فى المجتمع الأهلى فى الدول الكبرى، والذى تنظمه قوانين للتبرع والعمل العام، تجعل التبرع للعمل الأهلى جزءا أساسيا من الوعى العام.
هناك اختلال فى بناء المجتمع الأهلى لدينا، ومع احترام جهد من يعمل فى المجتمع الأهلى، مطلوب تنظيم، ينهى صراع النيات الحسنة غير الحميد.