يوما بعد يوم، تتسع الفجوة بين الغالبية الكاسحة من المصريين وبين ثورة 25 يناير، ويفر منها الناس، فرار الخوف من الإصابة بمرض الطاعون، بسبب ممارسة من نصبوا أنفسهم اتحاد ملاك الثورة.
هؤلاء المتباكون على اللبن المسكوب، من الذين حاولوا الاستئثار بالثورة لأنفسهم، وأن يبدوا أصحاب الملكية الفكرية لها، يدافعون عنها بالباطل قبل الحق، واعتبروها البقرة الحلوب التى تحقق لهم متاع الدنيا من مال وشهرة وسلطة ونفوذ.
وكلما تكاثر لبن البقرة (الثورة) توحش اتحاد ملاكها وأصحاب الملكية الفكرية لها، وزاد نهمهم وجشعهم، ووضعوها فى مرتبة العبادة، وأحاطوها بكل هالات التقديس والتبجيل، لا يقبلون توجيه النقد لها، أو الاعتراض على بعض نتائجها.
إذن، اتحاد ملاك الثورة، وأصحاب الملكية الفكرية لها، ارتكبوا جريمة زيادة الفجوة، بين معظم المصريين وبين الثورة، بممارساتهم الكارثية، من الاستئثار بها، إلى تحويلها بقرة حلوب، وتبنى خطاب خشن ومنفر، وإصدار فتاوى التكفير السياسى ضد خصومهم، وتقسيم المصريين بين (فلول) ونشطاء، وحركات، وائتلافات، وجماعات تكفيرية، وتبنى سياسة سلطوية فاقت بكثير، ما كانت تنتهجه الأذرع الأمنية فى عهد مبارك.
ونتيجة مجمل هذه الأخطاء، التى وصلت إلى حد الجرائم، كفر الناس بالثورة، وكرهوا كل من ينادى بشعاراتها، وللأسف دفع حمدين صباحى على سبيل المثال، ثمنا باهظا من شعبيته، عندما انساق لمجموعة اتحاد ملاك الثورة، فى تبنى شعاراتها، لتكون شعارات حملته لخوض الانتخابات الرئاسية الماضية، بل ضم معظمهم فى الحملة، فسدد فاتورة خطابهم المتعجرف، وورطوه فى تصريحات خطيرة، والنتيجة أن الرجل حصد أقل من 3% من حجم الأصوات وهى نتيجة بمثابة فضيحة سياسية، إذا ما قورنت بما حصل عليه منافسه عبدالفتاح السيسى 97% فيما يشبه الإجماع الشعبى.
الدكتور أسامة الغزالى حرب كرر نفس سيناريو حمدين صباحى، فى معركته القضائية مع الإعلامى أحمد موسى، عندما حصل على حكم بحبس زميله فى صحيفة الأهرام، عامين، غيابيا، فهلل له اتحاد ملاك ثورة يناير، وأغرقوه لشوشته بوصلات المديح الثورية، وشعارات 25 يناير، وطالبوه بعدم التنازل، والتفوا حوله، وشكلوا سياجا قويا حال دون أن يستمع لكل الشخصيات المحترمة من الإعلاميين والصحفيين والشخصيات العامة، لإنهاء النزاع القضائى وديا، والتنازل عن القضية.
لم يكتفوا بذلك، بل دفعوه إلى وضع شروط بعيدة كل البعد عن قواعد المنطق والعقل، وأقرب منها للإذلال عنها لإنهاء الأمر، وبمجرد نشر هذه الشروط فى وسائل الإعلام المختلفة، ظهرت ردود الأفعال الغاضبة من بسطاء هذا الشعب قبل مثقفيه ونخبته، من الغزالى حرب، وزاد التعاطف الكبير مع الإعلامى أحمد موسى.
ظهر هذا التعاطف جليا، يوم إعادة محاكمته، من خلال زحف البسطاء من كل حدب وصوب لمؤازرته، ثم حالة الفرحة العارمة التى سيطرت عليهم عقب قرار المحكمة بالبراءة، بل زحف التعاطف إلى مواقع التواصل الاجتماعى (فيس بوك وتويتر) وتصدر خبر البراءة صدر صفحات الصحف، وبرامج التوك شو.
وعلى النقيض زاد السخط ضد أسامة الغزالى حرب، وخسر أضعاف أضعاف ما كسبه خصمه، من شعبيته ورصيده بين الناس، فى تكرار لنفس سيناريو حمدين صباحى.
أيضا تأكد بما لا يدع مجالا لشك، أن معظم المصريين ناقمون وغاضبون من كل الذين يتخذون من ثورة يناير (بقرة حلوب)، وأنهم كرهوا شعاراتها، وخطابها المتعالى والمتعجرف، والمتسلط، وكرهوا دعواتها الدائمة للمظاهرات، والتخريب والتدمير على حساب البناء والتنمية والتعمير، لأنه من المستحيل أن يعيش شعب فى حالة (تثور) دائم، إيمانا منهم أن الثائر الحق هو الذى يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبنى الأمجاد.
الشعب المصرى يرى فى اتحاد ملاك الثورة أنهم مرضى (بالتثور اللاإرادى) المدمر، فالثورات ليست غاية، وجوهر الغاية توفير وسائل الحياة من مأكل ومشرب وبناء وتعمير واستقرار وتقدم وازدهار، وليس تخريبا وتدميرا وفوضى وتصدير الكآبة والخوف من المستقبل المجهول.
دندراوى الهوارى
الثوار «ورطوا» أسامة الغزالى.. بنفس سيناريو «توريط» حمدين صباحى
الخميس، 25 يونيو 2015 11:45 ص