كثير من السياسيين والنخبة والنشطاء يكتبون باستمرار عن أى سقطة لمسؤول حتى لو كانت تافهة، أو خطأ لوزير ولو كان غير مقصود، ويعقبون بكثير من القسوة على ممارسات للحكومة تحتمل التفسير والأخذ والرد، لكنى لا أصادف مقالا أو حتى كلمة لأحد من هؤلاء المشار إليهم عند تحقيق إنجازات نوعية أو حتى فى لحظات النجاح التى يحققها نظام وطنى منتخب له شعبيته ويجاهد لانتشال البلاد من الانهيار.
أقول ذلك بمناسبة تسليم فرنسا لمصر القطعة البحرية النوعية «الفرقاطة فريم» التى تعزز قدرة البحرية المصرية على أداء مهامها فى مواجهة الطائرات والغواصات وكل التهديدات البحرية، الفرقاطة فريم ليست مجرد قطعة بحرية نوعية فقط، لكنها تعبير عن نجاح بارز للسياسة المصرية على عدة أصعدة دفعة واحدة، فهى إشارة إلى قدرة مصر 30 يونيو على صناعة استقلالها السياسى وتنويع مصادر سلاحها بعد سنوات طويلة من الانصياع للإملاءات الأمريكية.
وهى إشارة أيضا إلى قدرة مصر 30 يونيو على كسر الحصار الأوروبى المفروض عليها واجتذاب دولة أوروبية محورية مثل فرنسا إلى جانب الاختيار الشعبى المصرى سياسيا وعسكريا وأمنيا، فالتعاون بين البلدين حقق طفرات كبيرة فى مواجهة الجماعات المتطرفة وفى مقدمتها جماعة الإخوان الإرهابية والفصائل الموالية لها والمنبثقة عنها، كما مثلت صفقة طائرات الرافال ودعم البحرية المصرية وكذا الحضور البارز للشركات الفرنسية فى المؤتمر الاقتصادى الدولى بشرم الشيخ، صفحة جديدة للعلاقات بين البلدين.
لماذا إذن لم تلفت مثل هذه الإنجازات التى تؤكد عودة الدولة المصرية بقوة، أنظار السياسيين والنشطاء المشمأنطين طوال الوقت؟ لماذا لا ينفعلون بالإيجابيات والنجاحات كما يلطمون ويندبون ويتفلسفون ويسخرون عند إمساكهم بالسلبيات؟ هل يستنكف من يحسبون أنفسهم على النخبة أن يتعرضوا لأى موضوع إيجابى؟ هل الانتقاد الحاد وتسويد الأفق «من السواد والهباب» هو تخصص النخبة المصرية فقط، اتجاه واحد يعنى؟
أحيانا ما يفرط هؤلاء المشمأنطين فى تفسيراتهم اللوذعية المغرقة فى سوداويتها، حتى لكأن البلد على وشك البيع بالمزاد العلنى للخواجات، وأن كبار العالم سيدخلون بحاملات طائراتهم إلى الإسكندرية والغردقة وبورسعيد، بينما ينمو الاقتصاد بخطوات ثابتة وتشيد المؤسسات الدولية بمعدل النمو فى المستقبل القريب، وتحقق البلاد انتصارات متتالية على صعيد مواجهة الإرهاب فى الداخل أو فى المحيط الإقليمى الحيوى، فمتى يخرج هؤلاء المشمأنطون من حالة عواجيز الفرح؟.. ربنا يهدى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة