ما لم يدرك قادة المجتمع الأهلى كيف يمكنهم الإجابة على التساؤلات المطروحة، فهم يقودون هذا القطاع الخيرى لطريق مسدود، نحن أمام حالة عشوائية وتنافس غير حميد وتزاحم فى حاجة للترشيد، وأموال فى حاجة لعدالة فى التوزيع.
الفرصة قائمة لمراجعة نظام التبرعات والعمل الأهلى والاجتماعى، وسط حالة من النقاش خلقها التزاحم الإعلانى من عشرات المؤسسات التى تطلب تبرع المصريين فى رمضان، وتنفق فى سبيل ذلك الكثير من أجل جمع ملايين، وهو واقع يحتاج لمناقشة ربما تقود إلى طرق أفضل لجمع التبرعات وتوجيهها بعدالة إلى مجالات تنموية.
هناك غياب لأى إحصائيات عن حجم الأموال التى يتم جمعها سنويا، وحجم ما تم إنفاقه والمجالات التى تم إنفاق هذه الأموال فيها، وحتى لو كانت هذه المؤسسات موثوقة، فمن المهم أن تكون ميزانياتها معلنة، لأنها تتعلق بأموال عامة حتى لو كانت تبرعات اختيارية، وهذه الميزانيات سوف تبين مجالات إنفاق الأموال وحجم ما حصلته هذه المؤسسات وما أنفقته على الدعاية، حتى يمكن معرفة المؤسسات الناجحة التى تشارك فى التنمية أو تلك التى تحقق خسائر، أو توجه الأموال إلى مجالات غير مجدية.
نعرف أن هناك مشكلات فى إدارة هذه الأموال ولا يكفى الاستناد إلى الثقة الشفوية التى يمكن أن تهتز لأى سبب، ويمكن فى حال التعرف على حجم الأموال أن نحيط بحجم الجهد الأهلى وإمكانيات توجيهه إلى التنمية وعدم الاكتفاء بتوزيعه عشوائيا، خاصة أن هناك محترفين للتحصل على هذه الأموال من دون حاجة، بينما يحرم من التبرعات والجهود الخيرية من يعجزون عن تقديم أنفسهم، وهو نفس السلوك المتعلق بالمؤسسات التى تنجح فى جمع الأموال، لأنها تنجح فى الدعاية والتسويق.
كل هذا فى حاجة إلى ضبط وتنظيم حتى يمكن أن يشعر المواطنون بأن الأموال تتجه إلى مجالات عادلة، تفيد فى التنمية وألا تبقى الأمور مجرد دعاية وإعلان فقط، لأن الاستمرار فى السلوك التنافسى يمكن أن يقود لفقدان الثقة فى هذه المؤسسات، وبالتالى فالضرر يقع على المحتاجين فعلا وليس على هذه المؤسسات.
نحن أمام مرحلة تحتاج إلى مكاشفة وشفافية، ومثلما يجب أن يكون المال العام محميا ومتاحا للمراقبة، فإن المال الأهلى والمؤسسات التى تتصدى لجمع تبرعات، يجب أن تكون بمستوى من الشفافية يزيد الثقة فيما تتلقاه وتنفقه، وأين تنفقه بما يعيد الثقة وإلا سوف يصل كل هذا إلى طريق مسدود.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة