الجمعة الدامى، أو يوم الإرهاب الأسود، اليوم الذى ضربت فيه الأعمال الإرهابية ثلاث قارات فى وقت متزامن وأوقعت أكثر من مائة قتيل وعشرات الجرحى، ففى البداية هاجمت حركة الشباب الصومالية المتطرفة قاعدة لقوات الاتحاد الأفريقى جنوب الصومال وأوقعت نحو خمسين قتيلا، وتلاه على الفور هجوم متطرف عربى على مصنع للغاز فى ليون الفرنسية مما أوقع قتيلا وعشرة مصابين، وكاد أن يحدث انفجارا هائلا فى المدينة الفرنسية الهائلة.
ولم تمر ساعات إلا وكان مسلحون تابعون للمتطرفى داعش يفتحون النار على أفواج السائحين بمدينة سوسة التونسية مما أوقع سبعة وثلاثين قتيلا وإصابة العشرات، وفى وقت متزامن فجر انتحارى نفسه فى مسجد الإمام الصادق المخصص للشيعة بالكويت وأوقع خمسة وعشرين قتيلا ونحو مائتين من المصابين بعضهم فى حالة خطرة ومشرفون على الموت.
الأخطر فى الأعمال الإرهابية يوم الجمعة الدامى هو تفجير المسجد الشيعى بالكويت، فهو حلقة من مسلسل تفجير بلدان الخليج الكبرى والأكثر استقرارا عبر إشعال الفتنة المسلحة بين السنة والشيعة عبر سلسلة من التفجيرات تستهدف مساجد، أماكن تمركز المواطنين الشيعة حتى تدفعهم فى النهاية إلى حمل السلاح ضد إخوانهم السنة، فى تكرار لتجربة الحرب الأهلية العراقية، وصولا إلى تنفيذ السيناريو الصهيونى بتقسيم دول الخليج الكبرى إلى دويلات متناحرة ونهب ثرواتها.
إرهاب الجمعة الدامى، مازال دافعا غير كاف حتى تتخلص القوى الغربية الكبرى عن دعمها للجماعات الإرهابية وفى مقدمتها جماعة الإخوان التنظيم الأم الذى تولد عنه كل التنظيمات الخطرة الأخرى، فما زالت التصريحات التى تتسم بالإنكار أو تنفى التنسيق بين مرتكبى الأعمال الإرهابية هى السمة الغالبة للإدارة الأمريكية، ويبدو أنها ستظل على ما هى عليه حتى انتهاء عصر أوباما وبرامجه الشاذة وقدم الجمهوريين إلى البيت الأبيض.
وفى المقابل بدأت عدد من الدول المحورية فى أوروبا ومنها فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، الابتعاد تدريجيا عن مشروع أوباما لنشر الإرهاب فى المنطقة العربية جنوب وشرق المتوسط بهدف تفتيتها وإعادة تقسيمها على أسس طائفية وإثنية لأنها، أى هذه الدول الأوربية، اكتشفت أن النار ستصل إليها، وبدأت تنسق مع مصر والدول العربية الكبرى لمواجهة إرهاب الذئاب المنفردة أو إرهاب التنظيمات الكبيرة التى تستهدف تدمير المدنيات الكبرى لإقامة حلم الدولة الإسلامية بصورته المتداولة فى أدبيات داعش والقاعدة. والسؤال الآن، هل يمكن وقف مخطط تفجير الخليج عبر بناء حلف قوى من الدول العربية والأوربية الكبرى للإجهاز على مشروع أوباما التدميرى؟