تقرير الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان فى مصر لا يستحق الاهتمام أو الغضب، فالاتهامات قديمة ومكررة ومرسلة ولم تأت بجديد، إلا فى التشكيك فى أحكام الإعدام، وغير ذلك كلام سمعناه عشرات المرات عن التضييق على الصحافة ووسائل الإعلام والنشطاء والمجتمع المدنى، والاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الأمن، واعتقال قيادات الإخوان المسلمين، وردت عليه الخارجية المصرية بكلام له لحلاوة وعليه لطلاوة، وعلى طريقة يجب أن تكون عندنا مقبرة جاهزة لندفن فيها أكاذيب الآخرين، وقالت: «التقرير تشويه ممنهج للحقائق ضد الدولة المصرية وإثارة الزوابع لتحقيق مآرب خاصة!!».
مشكلة تقارير حقوق الإنسان الأمريكية أنها مصابة بعمى ألوان، فلا ترى إلا جانباً واحداً تلوكه كالعلكة، دون أن تدرك أن الجرائم الإرهابية فيها إرهابى وضحايا، وقاتل وقتيل وانتحارى وشهيد، لكنها تهتم فقط بحقوق القتلة والمجرمين وتتباكى عليهم وتلبسهم ثياب الضحايا، ولم يذكر تقرير واحد– مثلا– شيئا عن عشرات الشهداء من الجيش والشرطة والمدنيين، الذين يسقطون فى الحرب ضد الإرهاب، لأن الإرهاب عند أمريكا حسب المزاج وليس له قوانين أو مواصفات وحسب المصلحة، فليس إرهابا كل ما ترتكبه هى وحلفاؤها من جرائم وحشية، وليس إرهابا فنون داعش فى قطع الرقاب والحرق وإغراق البشر فى أقفاص حديدية، وليس إرهابا ما يحدث فى سيناء، ولا يوجع ضميرها ويؤلم مشاعرها ما أحدثته فى المنطقة من دمار وتخريب، وقلبها أكثر قسوة من الحجر.
أمريكا التى تصدعنا ليل نهار بحقوق الإنسان، عندها معيار جديد مثل بنطلون الاسترتش «ون سايز» يمكن أن ترتديه النحيفة ويصلح أيضا لشجرة الجميز، وهو التطور الطبيعى لسياسة المكيالين، التى لم تعد صالحة لملاحقة الألسنة المتعددة التى تتحدث بها عن حقوق الإنسان، مع أن الإنسان هو الإنسان سواء كان ضابط شرطة أو جيشا، أو مسلما أو مسيحيا أو سنيا أو شيعيا، ولحق بكل هؤلاء الأذى وانتُهكت حقوقهم من أمريكا وحلفائها وسياستها العدوانية.. وعليه فلا يستحق تقريرها الأخير عن مصر إلا التجاهل وعدم الرد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة