كان مشهدا لافتا، إرهابيون مسلحون من داعش بملابسهم السوداء يمسكون بإرهابيين من النصرة يرتدون ملابس الإعدام تمهيدا لذبحهم، داعش يكفر النصرة ويعتبره خارجا على الإسلام الداعشى، والنصرة يكفر داعش، كلاهما ينتمى للمذهب السلفى، نفس المراجع والتفسيرات والأحاديث، والرايات السوداء والعقول والقلوب الأكثر سوادا، وعلى رأى المثل «مكفرين قاتلين ذابحين مع بعض».
داعش والنصرة وباقى تنظيمات جهاد النكاح، تم تمويلها وتجهيزها وتدريبها بمعرفة دعاة الحريات لدعم المعارضة المعتدلة بأموال خليجية لمواجهة النظام السورى، العقيدة القتالية فى الجيوش التقليدية تعنى الدفاع عن الوطن فى مواجهة التهديدات والأعداء، لكن العقيدة القتالية لداعش والنصرة هى قتل ومحاربة الكفار، وهم كل من يعلن أمراء الحرب أنه كافر، سواء اختلف فى الدين ـ مسيحى أو إيزيدى ـ أو المذهب ـ شيعى، أو حتى التوجه نفس الدين والمذهب والمصادر الفكرية والإرهابية لكن المكفرة لا تختلف، لهذا كان مشهد دواعش يعدمون النصرة.
هؤلاء تم تجهيزهم بأموال الدول التى صنعتهم والتى تجد نفسها اليوم فى مواجهتهم، لقد صنعت داعش والنصرة ومنذ ظهروا تضاعفت أعداد اللاجئين والقتلى والخراب تضاعف عشرات المرات، اختفى المعارضون الذين اعتادوا حضور المؤتمرات الفخمة فى أوروبا.
انتقلت داعش من سوريا إلى العراق ثم إلى الكويت وقبلها السعودية وإلى فرنسا وتونس، وهناك تهديدات لبريطانيا ودول أوروبا، وتركيا وأمريكا، كل من صنعوا داعش مباشرة أو بشكل غير مباشر يجدون أنفسهم فى مواجهتها.
ومازال هناك من هذه الدول من يدعم ويتبنى هذه التنظيمات ويشيد بإنجازاتها، أما الفاعلون والمنفذون فكل الدلائل تشير إلى أنهم كانوا شبابا عاديا منعزلا قبل أن يتحولوا إلى قنابل وخناجر تنفذ تعليمات، مجرد أدوات سواء كان ياسين صالحى منفذ هجوم مصنع الغاز فى فرنسا، أو سيف الرزقى قاتل الـ37 سائحا فى تونس، أو خالد ثامر السعودى مفجر نفسه فى مسجد الكويت، وقبله الزهرانى مفجر مسجد القطيف.
كلهم دواعش كانوا يكبرون وهم يقتلون ويفجرون، ماتوا ومن صنعهم لايزال حيا يصنع الدواعش. ويبدو الاعتراض من قبل بعض الدول والانظمة على تصرفات داعش والنصرة أشبه بكاتب ألف مسرحية وعندما خرج الممثلون عن النص، أعرب المؤلف والمخرج عن الغضب. وطالبوا الممثلين بالعودة للنص.
الدول التى ساعدت ومولت ودربت- وبعضها لا يزال ـ داعش والنصرة وجلبتهم من كل أنحاء العالم ليحاربوا بالوكالة.. لم يعترضوا على أن يمارس مقاتلو داعش والنصرة تكفير وقتل الآخرين، غضبوا لأن الرذاذ يلوث ملابسهم. ولهذا فالمؤلف زعلان والمخرج غضبان.