فى ذكرى أعظم ثورة شعبية فى تاريخ مصر، عبر عصوره المختلفة، 30 يونيو، التى أعادت الوطن المخطوف، وأنقذته من مخطط طمس هويته، لا بد لنا من تخليد هذا اليوم العظيم بحفره على جدران قلوبنا، وذاكرتنا «بأزميل» من كبرياء وشموخ.
30 يونيو ليست ثورة اندلعت فى كل النجوع والكفور قبل ميادين المدن والمحافظات المختلفة، لإسقاط نظام إرهابى، لديه شبق للقتل وسفك الدماء، وتفضيل الأجنبى على بنى وطنه، وإنما ثورة حطمت مخططات الدول العظمى، على رأسها أمريكا، لإعادة ترتيب وتقسيم دول المنطقة، كما دحرت مطامع دول إقليمية، سواء التى تبحث عن دور ريادى فى المنطقة على أنقاض القاهرة، والمتمثلة فى دويلة قطر، أو الدول الباحثة لإعادة مجدها القديم عبر القاهرة أيضا مثل تركيا.
ثورة 30 يونيو، ثورة شعبية خالصة، ونقية، ولم تتلوث بمشاركة جماعات إرهابية، سواء الإخوان أو السلفيين، أو حركة 6 إبريل، والاشتراكيين الثوريين، ونشطاء الثورة، ومرضى التثور اللاإرادى، وشهدت «انصهار» الجيش والشرطة، وكل فئات الشعب فى «بوتقة» وطنية واحدة، سيقف التاريخ أمامها طويلا، معجبا ومختالا وفخورا، أن شعب مصر الحقيقى، من أحفاد الذين صدروا حركة التنوير للعالم، قد يمرض، وتعتل صحته، فى لحظات خاطفة من الزمن، لكن لا يموت أبدا، وسرعان ما يسترد عافيته، فينهض ويبنى الأمجاد.
الفرق بين ثورة 25 يناير، وبين ثورة 30 يونيو، أن الأولى شارك فيها كل الجماعات والتنظيمات الإرهابية، والقتلة والمجرمين، الإخوان، وحماس، والجماعة الإسلامية، والسلفية الجهادية، وكل التكفيريين، و6 إبريل، بينما 30 يونيو شارك فيها ملح الأرض من العمال والفلاحين، والكادحين، والوطنيين، الذين يقدمون أرواحهم دفاعا عن مقدرات الوطن.
ثورة 30 يونيو، ثورة النهضة والتعمير، وبناء الأمجاد، وإعادة القيمة والقامة، دوليا وإقليميا، واكتساب احترام الأعداء قبل الأصدقاء، حيث شهدت مصر خلال العام الماضى على سبيل المثال، إنجازات تاريخية، من إعادة تطوير وتسليح، الجيش المصرى، ليقفز إلى مرتبة أقوى الجيوش فى العالم، ويتفوق فى بعض تسليحه لأول مرة منذ عقود، على العدو الإسرائيلى، كما شهد مشروع القرن، قناة السويس الجديدة، وشبكة طرق عملاقة، لتجديد شرايين الحياة للبلاد، وطفرة بمثابة المعجزة فى قطاع الكهرباء، وتطوير أسطول النقل العام، وإعادة هيكلة منظومة الدعم، والقضاء نهائيا على طوابير العيش الذى كان بمثابة رحلة عذاب يومية، إلزامية، يقوم بها بسطاء وفقراء هذا الوطن من أجل الفوز برغيف عيش، بجانب الإنجازات الأخرى التى لا تعد ولا تحصى.
وعلى النقيض تماماً، فإن 25 يناير، ثورة خراب، ودمار، وحرائق، وهدم، وفوضى، وطمس الهوية المصرية، وتقزيم دور الدولة الوطنية، ومخططات بيع أجزاء من أراضيها فى سيناء، وحلايب وشلاتين، على يد الجماعة الإخوانية الإرهابية، والخائنة، التى لا تعترف بالوطن.
اللافت فى احتفالات الذكرى الثانية لثورة 30 يونيو، أنها واكبت معجزة جديدة من معجزات جماعة الإخوان الإرهابية، حيث شهدت عودة الحياة من جديد لعدد من أعضاء وقيادات الجماعة الذين تاجرت بشعارات استشهادهم فى «مذبحة ومحرقة إلى آخر هذه المسميات» أثناء فض اعتصام رابعة العدوية، من عينة نور الدين عبد الحافظ الشهير بـ«خميس»، الذى قيل إنه لقى مصرعه فى فض رابعة، ليعود للظهور مرة أخرى خلال الأيام القليلة الماضية على شاشة قناة «مصر الآن» الإخوانية التى تبث من تركيا، كما تردد بقوة أن أسماء ابنة القيادى الإخوانى محمد البلتاجى التى قيل أيضا إنها لقيت مصرعها أثناء فض اعتصام رابعة، لا تزال على قيد الحياة، وأنها هربت إلى السودان بجواز سفر مزور وتعيش باسم صفاء الوردانى، وأنه تم رصدها يوم فض اعتصام رابعة فى الإسكندرية، ولم يتم التأكد من صحة هذه المعلومات.
معجزات عودة الموتى للحياة، تزيد من رصيد معجزات الجماعة، بعد هبوط سيدنا جِبْرِيل فى اعتصام رابعة، وظهور سيدنا محمد، وقتال الملائكة جنبا إلى جنب مع الإخوان، أيضا من المعجزات ظهور «بوست» على صفحات قيادات الإخوان وحلفائهم ومن بينهم أيمن نور «على الفيسبوك» وأيضا فى «تغريدات» على صفحات نفس القيادات على «تويتر» خلال الساعات القليلة الماضية، يطالب الذين شاركوا فى 30 يونيو، أن ينزلوا من جديد اليوم الثلاثاء 30 يونيو ضد النظام الحالى.
واضح طبعا أن هذا «البوست» أعده التنظيم الدولى للجماعة الإرهابية، وأعطوا الأوامر بتعميمه ونشره حرفيا على كل صفحات قيادات وأعضاء الجماعة وأتباعهم والمتعاطفين معهم، وهو الأمر الذى يكشف، أن الجماعة تنكر فضيلة «أعمال العقل»، وترفع من شأن «السمع والطاعة»، وأن الطاعة خير من الأدب.
دندراوى الهوارى
فى ذكرى 30 يونيو.. شهداء رابعة يعودون للحياة.. ويكتبون نفس الكلام
الثلاثاء، 30 يونيو 2015 12:18 م