ذهب البعض إلى أن نجاح الأجهزة الأمنية فى القبض على قيادات الإخوان غزلان والبر ووهدان خلال الأيام الماضية يفسح الطريق أمام قيادة جديدة للجماعة تعطى الدولة ما تريده فى عملية مصالحة مقبلة، تحتاجها الدولة الساعية لاستقرار اقتصادى وأمنى وسياسى وتحتاجها الجماعة التى يتهددها خطر الزوال بصورة غير مسبوقة منذ إعلانها قبل ثمانين عاما أو يزيد.
وذهب البعض الآخر إلى أن انحياز الدولة المصرية لتيار فلول مبارك دفعها لفتح جبهة ثانية مع التيارات المدنية والثورية بما يهدد شعبية النظام بالتآكل البطىء، ويجعل من احتمال تكرار 25 يناير أو 30 يونيو أمرا ممكنا، إلا إذا استبقت الدولة المصرية الزمن بمصالحة مع التيارات المدنية والثورية بإقصاء رموز الدولة العميقة وفلول مبارك فى المفاصل الحاكمة أو بمصالحة مع الإخوان لتبريد الأجواء واحتواء التيارات المدنية والثورية للأبد، وإن كان الاحتمال الثانى هو الأقرب.
والحق، أن من يتصور جلوس ممثلى الدولة المصرية للتفاوض مع قيادات الإخوان فى الداخل أو فى التنظيم الدولى مباشرة أو عبر وساطة السعودية وغيرها من دول الخليج وثيقة الصلة بمصر، واهم وقصير النظر، لسببين، أولهما أن تاريخ الدولة المصرية منذ تدشين جماعة الإخوان بمعرفة سلطات الاحتلال الإنجليزى فى عشرينيات القرن الماضى وحتى الآن لم يشهد أبدا ما يسمى بمفاوضات الدولة أو النظام مع ميليشيا أو جماعة من منطق الندية، فعندما أراد عبدالناصر إقصاءهم وتجفيف منابعهم فعل، وظلوا فى مخابئهم حتى استدعاهم السادات لضرب اليسار وسار مبارك على نهجه، وسمح لهم بالانتشار فى النقابات وعلى مستوى القواعد.
السبب الثانى، أن جماعة الإخوان لا تملك القرار فى التسخين أو التبريد، فى التخريب أو المصالحة، قرارها يخرج من مكاتب الأجهزة المعنية فى واشنطن وبرلين ولندن، وتعبر عنه دول مثل تركيا وقطر، ولذا فالمناورة والحوار والتفاوض لا يكون مع الشاطر أو بديع أو محمود عزت أو حتى أردوغان إذا وضعنا التنظيم الدولى فى صناعة قرار الجماعة بمصر، لا، القرار سيصدر بالتبريد عندما يحسم السيسى الموقف المصرى مع أوباما وبوتين، وعندما يتم استيعاب أمواج الصراعات التى تهدد الأمن الإقليمى للدولة المصرية من جميع الجهات، وعندما تستطيع القاهرة أن تظهر ما يمكن أن يردع طهران أو يغريها بالتعاون.
فى جميع الأحوال، الإخوان غاربون ساقطون زائلون، لكن فى أى مدى زمنى؟ هذا هو ما تسعى الدولة المصرية لحسمه لتقليل الخسائر.