كتبت أنا وآخرون عن حصاد السنة الأولى من حكم الرئيس السيسى، لكننا لن نستطيع الوصول لتقييم حقيقى، لأن هناك معلومات كثيرة غائبة عنا، كما أن «اللى إيده فى الميه مش زى اللى إيده فى النار» كما يقول المثل الشعبى، فالكاتب أو الباحث يكتب بدون ضغوط، وأحيانًا بشكل حالم أو مثالى. وأعتقد أن حلم الكاتب والمثقف أو خيالهما البعيد عن السلطة مفيدان لمن بيده السلطة والسلطان، والمشغول بهموم ومشاكل الحكم، لدرجة قد تفقده القدرة على الحلم وأعمال الخيال. هى معادلة صعبة بين المثقف والحاكم، لذلك قد يستعين الحاكم ببعض المثقفين فيعملون أو يتعاونون معه، وهنا تتجسر الفجوة بين الطرفين، ويصبح لدينا مثقفون فى السلطة، لكن قراءة تقييمات مثقفين وسياسيين للسنة الأولى من حكم السيسى تصيبك بالصدمة، وتؤكد وجود فجوات بين المثقف والسياسى والرئيس، لأن أغلب تقييمات أفراد النخبة وقعت فى دائرة المديح، والإشادة الكلامية التى تفتقر إلى العقل والمنطق، وتفيض بالعواطف والمشاعر من دون إشارة لأخطاء أو سلبيات، حتى أن البعض أعلن أن الرئيس نجح بنسبة 100%، وهى نسبة غير منطقية، لأن الرئيس إنسان يخطئ ويصيب، وأعتقد أن الرئيس شخصيًا لن يمنح نفسه هذا التقييم، بينما منح بعض المثقفين والسياسيين والفنانين درجات متفاوتة تراوحت بين 70% و90% و95%! ولا أعرف من اخترع حكاية إعطاء الرئيس درجات، كأنه طالب اجتاز امتحانًا، ثم ما معايير أو أسئلة هذا الامتحان؟. من هنا أتصور أن كل هذه الدرجات الافتراضية هى أحكام ذاتية على معايير خاصة جدًا وضعها كل شخص بمعرفته، وبحسب آرائه الشخصية وعواطفه وخبراته الخاصة وأمنياته، وبالتالى يسقط أى معنى للتقييم، أو الحكم المتوازن والموضوعى على أداء الرئيس.
وبشكل عام أنا ضد تقييم الأداء السياسى بنسب مئوية كمية لا تستند إلى معايير معلنة، خاصة أن الرئيس خاض الانتخابات دون برنامج سياسى تفصيلى، لذلك اعتمد البعض على خطوات خارطة الطريق فى تقييم أداء الرئيس، لذلك أشاروا إلى تأخر إجراء الانتخابات البرلمانية، بينما استند آخرون إلى الدستور فى الحكم على أداء الرئيس.. كل هذه المعايير غير دقيقة، ولابد أن تقود إلى نتائج غير متوازنة ومتحيزة، وأحسب أن أى تقييم موضوعى وعادل لابد أن يعتمد على مجموعة متكاملة من المعايير، أهمها: أولًا: أهداف ثورتى يناير و30 يونيو فى الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والدولة المدنية. ثانيًا: الخطوط العريضة التى أعلنها السيسى خلال حملته الانتخابية. ثالثًا: خارطة الطريق. رابعًا: مواد الدستور. خامسًا: خطابات الرئيس فى مناسبات مختلفة، والتى أطلق فيها أفكارًا ومشروعات تنموية قومية. سادسًا: الأوضاع الصعبة التى يمر بها الاقتصاد المصرى. سابعًا: تهديدات الإرهاب والإخوان فى سيناء ومحافظات مصر. سابعًا: المشكلات الموروثة منذ عصر مبارك، وفى مقدمتها تفشى ثقافة اللاعمل، والاستسهال، والفساد فى أجهزة الدولة والمجتمع.. أخيرًا، عزيزى القارئ لا تتأثر بأى أحكام أو تقييمات عن أداء الرئيس، بما فيها تقييمى لأداء الرئيس، وفكر فى المعايير السبعة التى اقترحتها للحكم على أداء الرئيس، واستفتِ قلبك وعقلك، واحكم بنفسك، وتذكر دائمًا أن الرئيس رجل وطنى مخلص، وصل للحكم فى ظروف صعبة للغاية، ومازالت أمامه ثلاث سنوات قادمة قد يحقق فيها ما ترغب فيه أو تتمناه، وأن نجاحه أو فشله مرتبط بجديتك فى العمل، ومقاومة الفساد، والالتزام بواجباتك كمواطن، وحرصك على ممارسة حقوقك.