الشعب التركى يضع نهاية لطموحات أردوغان بالهيمنة.. العثمانى اشتهر بخطابه الاستفزازى والهجوم على خصومه بعدما أصابه جنون العظمة.. "دميرطاش" الكردى شرارة أيقظت رئيس تركيا على كابوس

الإثنين، 08 يونيو 2015 01:52 م
الشعب التركى يضع نهاية لطموحات أردوغان بالهيمنة.. العثمانى اشتهر بخطابه الاستفزازى والهجوم على خصومه بعدما أصابه جنون العظمة.. "دميرطاش" الكردى شرارة أيقظت رئيس تركيا على كابوس صلاح الدين دميرطاش زعيم حزب الشعب الديموقراطى الكردى
كتبت إسراء أحمد فؤاد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يتصور يوما أن تنهار أحلامه بالهيمنة وتوسيع صلاحياته الرئاسية على أيدى الشعب التركى فبعد 13 عاما بقى خلالها سيد تركيا بلا منازع، تلقى الرئيس الإسلامى المحافظ رجب طيب أردوغان فى الانتخابات التشريعية الأحد أول نكسة سياسية كبيرة أسقطت أحلامه بالهيمنة على البلاد.

ويبقى أردوغان (61 عاما) بعد الانتخابات وبفارق كبير الزعيم السياسى الأكثر شعبية وهيبة فى بلاده منذ مصطفى أتاتورك مؤسس الجمهورية الأسطورى غير أن خططه لإعادة إحياء "رئاسة قوية" على صورة عهد سلفه القديم أحبطت لفترة طويلة.

ومنذ انتخابه فى أغسطس الماضى والرئيس الجديد يعمل على استعادة مقاليد السلطة من خلفه رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو داعيا إلى إصلاح دستورى يعزز صلاحيات الرئاسة.

الشعب التركى قال كلمته


وقال المحلل السياسى والأستاذ الجامعى سيف الدين غورسيل مساء الأحد لشبكة سى إن إن تركيا إن "الناخبين الأتراك أعلنوا له بشكل واضح أنهم غير موافقين على الانتقال إلى نظام رئاسى".

وأردوغان الذى وصل إلى رئاسة الحكومة عام 2003 على أنقاض أزمة مالية خطيرة، يعتبر برأى أنصاره صانع المعجزة الاقتصادية التركية ورجل الإصلاحات التى حررت الغالبية الدينية والمحافظة فى هذا البلد من سيطرة النخبة العلمانية ومن تدخلات الجيش فى الحياة السياسية.

لكنه أصبح أيضا منذ سنتين السياسى الذى يواجه أكبر قدر من الانتقادات فى تركيا حيث تؤخذ عليه نزعته إلى التسلط ويتهم بالسعى لأسلمة النظام.

والقصر الضخم والفائق الفخامة الذى انتقل إليه أردوغان فى الخريف الماضى وقد بلغت كلفته حوالى 500 مليون دولار أصبح رمزا لـ"جنون العظمة" الذى ينعته به منتقدوه ولـ"الفساد" الذى يأخذونه عليه.

من هو رجب طيب أردوغان


غير أن أردوغان الذى كان والده ضابطا فى خفر السواحل يسلط الضوء دائما على اصوله المتواضعة.نشأ أردوغان فى حى شعبى من اسطنبول وتلقى تعليمه فى ثانوية دينية وعمل بائعا كما حلم فى وقت ما بأن يصبح لاعب كرة قدم، قبل أن يخوض غمار السياسة ضمن التيار الإسلامى.

وانتخب عمدة لبلدية اسطنبول فى 1994 ثم قاد حزبه، حزب العدالة والتنمية، إلى الفوز بالانتخابات التشريعية فى 2002. وتولى منصب رئيس الوزراء بعد ذلك بعام بعيد العفو عنه من حكم بالسجن بسبب إلقائه نشيدا دينيا فى مكان عام.

ولسنوات راكم النموذج الديموقراطى المحافظ الذى اعتمده أردوغان والذى يزاوج بين الرأسمالية الليبرالية والإسلام المعتدل، النجاحات مدعوما بنسب نمو "شبيهة بالنمو الصينى" لاقتصاد البلاد ورغبته فى الانضمام للاتحاد الأوروبى.

وبعد أن أعيد انتخابه فى 2007 و2011 مع نحو 50 بالمائة من الأصوات، بدأ أردوغان يحلم بتولى الرئاسة وبالبقاء على رأس البلاد حتى 2023 للاحتفال بمئوية الجمهورية التركية.

لكن هذا السيناريو شهد تعقيدات فى يونيو 2013. فقد نزل على مدى ثلاثة أسابيع اكثر من ثلاثة ملايين ونصف من الاتراك إلى الشارع ليحتجوا على سياسته التى تنحو اكثر فاكثر منحى "اسلاميا".

لكن أردوغان الواثق من نفسه ومن شعبيته والذى يصفه مريدوه وخصومه بـ"السلطان" الجديد، لم يتزعزع. بالعكس رد مستخدما استراتيجيته المفضلة التى تقوم على تصويره كـ"رجل الشعب" ضحية "مؤامرة" النخب.

ورد بقمع شديد استهدف "الناهبين" و"الإرهابيين" المحتجين عليه لكن رصيده الديموقراطى تعرض لنكسة جدية.

ولا يزال أردوغان متمسكا منذ ذلك الحين بخطابه الشديد والاستفزازى وشن هجمات كلامية عنيفة على خصومه خلال الحملة الانتخابية.

وهو يركز هجماته على المعارضة وحليفه السابق الإمام فتح الله غولن وكذلك وسائل الإعلام الأجنبية مثل صحيفة نيويورك تايمز وهيئة الإذاعة البريطانية (بى بى سى) الذين يتهمهم بأنهم "أعداء تركيا الجديدة" ما يزيد من مخاوف منتقديه.

سعى للتنكيل بخصومه حيث اتهم دميرطاش بأنه "يأكل لحم الخنزير" خلال تشكيكه قبل شهر بمدى التزام "حزب الشعوب الديمقراطى" بالدين، ووصف المنتمين إليه بأتباع "زرادشت" عبّاد النار، وقال: "أعتقد أن إخوانى الأكراد الورعين سيعطونهم الرد المناسب فى السابع من يونيو". إلا أن رياح 7 يونيو هبت أمس على عكس ما اشتهت سفينته الانتخابية.

من هو صلاح الدين دميرطاش الذى هزم أرودغان


برز صلاح الدين دميرطاش زعيم حزب الشعب الديموقراطى الكردى كقوة لا يستهان بها فى السياسة التركية بعدما قاد حزبه فى الانتخابات التشريعية الأحد ليتجاوز عتبة الـ10% ويضمن عشرات المقاعد فى البرلمان.

وبعد حملة شهدت توترا، نجح دميرتاش فى اجتذاب ناخبين من غير الأكراد وأثار الإعجاب فى رده الجدير برئيس دولة على هجوم بالقنبلة استهدف تجمعا لحزبه وأسفر عن مقتل شخصين وسقوط مئات الجرحى قبل يومين فقط على اقتراع الأحد.

وبفضل هذه النتيجة بات حزبه فى موقع يمكنه من عرقلة مشاريع الرئيس رجب طيب أردوغان توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية.

وكان دميرطاش السياسى الوحيد القادر على منافسة أردوغان فى الخطابات الحماسية، حل ثالثا فى الانتخابات الرئاسية فى العام 2014 مع نتيجة قاربت عتبة الـ10% مما شجع حزبه على المشاركة فى الانتخابات التشريعية للمرة الأولى.

ويعود إلى دميرتاش (42 عاما) الفضل فى تحويل حزب الشعب الديموقراطى من حركة للجالية الكردية التى تمثل 20% من سكان البلاد وقريبة من حزب العمال الكردستانى إلى حزب معاصر يهتم بالشؤون الاجتماعية ومنفتح على المرأة وعلى كل الأقليات.

وأعلن دميرتاش فى كلمة بعد اعلان النتائج أن حزبه لن يشكل تحالفا مع حزب العدالة والتنمية الحاكم مشددا على أن الجدل حول النظام الرئاسى قد انتهى.

وقال دميرتاش فى اسطنبول "نحن الشعب الذى يعانى من القمع فى تركيا ويريد العدالة والسلام والحرية قد حققنا انتصارا كبيرا اليوم".وأضاف "إنه انتصار للعمال والعاطلين عن العمل والقرويين والمزارعين. إنه انتصار اليسار".

وفاجأ صلاح الدين دميرطاش، زعيم "حزب الشعوب الديمقراطى" بحصوله على 12.87% من الأصوات، أعطته 79 مقعدا نيابيا، أى ما كان أردوغان يحتاجه ليحصل على ثلثى المقاعد النيابية لتغيير النظام من برلمانى إلى رئاسى يكون هو رئيسه.

نشأته ومواقفه السياسية


دميرطاش ولد فى ربيع 1973 بمنطقة "بالو" فى محافظة "إلازغ" المعروفة عربيا زمن العثمانيين باسم "معمورة العزيز" فى الشرق التركى بمنطقة الأناضول، وعاش مدة فى عاصمتها التى تحمل الاسم الغريب نفسه، وهى العاصمة المتحدرة منها عائلات عربية شهيرة فى سوريا ولبنان ومصر.

إلا أن دميرطاش الذى أمضى معظم حياته فيما بعد بمدينة ديار بكر، والأب لابنتين من زوجته، واسمها باشاك، محام مارس المهنة بعد تخرجه بالحقوق من جامعة أنقرة، وهو يجيد الكردية والإنجليزية، ويفخر بأن سيرته الذاتية خالية مما يعيب، طبقا لمعلومات عنه.

من أهم الصحف التى أشارت إلى خطورة دميرطاش على أردوغان، ولم ينتبه الرئيس التركى كما يبدو، هى "التايمز" البريطانية فى تعليق مهم الأسبوع الماضى، وفيه وصفت الزعيم الكردى بأنه "وسيم وصاحب شخصية كاريزماتية عمره 42 عاما فقط" مضيفة أن حزبه "قد يصبح العامل الرئيسى بهزيمة لم يسبق لها مثيل للحكومة التى تتظاهر بالإسلامية" وأن نتائج الاستطلاعات أظهرت أن حكومة العدالة والتنمية قد تضطر إلى حكومة ائتلافية للمرة الأولى منذ وصلت إلى الحكم فى 2002 حتى الآن".

هاجم نظام أردوغان بسبب الفساد


دميرطاش كان يهاجم أردوغان بطريقة يجد معها صدى لدى الأكراد، وأحدثها هجوم شنه فى 12 مايو الماضى على رئيس الوزراء التركى، أحمد داو أوغلو، لعدم اتخاذ حكومته أى إجراء بحق وزراء سابقين، متهمين بوقائع فساد ورشوة جرى التحقيق فيها بأواخر 2013 وكانت وما تزال حديث الأتراك للآن.

كان الهجوم، الذى أشار فيه إلى أردوغان، خلال مهرجان انتخابى أمام 20 ألف محتشد، وفيهم صرخ دميرطاش مناديا أوغلو: "زعمت أنك ستقطع أيدى أهل السرقة والفساد ولن تسمح لأحد بارتكاب هاتين الجريمتين، فهل قلمت ولو ظفر أحدهم قبل أن تقطع يده"؟ ومن تلك العبارات انطلق ليقول: "يخرج علينا شخص واحد ليقول عليكم أن تمنحونا كل الصلاحيات، ويحاول بالوقت نفسه تسويق ذلك وكأنه حملة ديمقراطية كبيرة" وكان يقصد أردوغان.

هاجم سعى أردوغان إلى "عثمنة" تركيا


قبلها، فى مارس الماضى، هاجم سعى أردوغان إلى "عثمنة" تركيا، حين اتهم قيادة الدولة العثمانية بالعمالة لصالح ألمانيا خلال معركة جرت فى مدينة "جنق قلعة" التركية، حيث شبّه العثمانيين بالدمية بيد الألمان، قائلا فى رسالة نشرها لمناسبة مرور 100 عام على تلك المعركة، إن الحكومة العثمانية آنذاك "لعبت دوراً كبيراً بقتل الناس، وربطت مصيرها بمصير الإمبريالية الألمانية فى الحرب العالمية الأولى، وساهمت بوقوع كارثة بشرية كبيرة" وفق تعبيره.

وغازل دميرطاش، المعروف بأنه أول تركى من أصول كردية يترشح لرئاسة تركيا فى الانتخابات التى فاز بها أردوغان، سكان الشرق والجنوب التركيين، ومن أقواله: "بأن الميراث القيّم الذى تركته لنا شعوب الأناضول، من أتراك وأكراد وأرمن وغيرهم ممن حاربوا متكاتفين للدفاع عن هذه الأراضى قبل قرن، هو أن نستمر بالتكاتف والعيش بكرامة" كما قال.

وصفه بهتلر


وفى أغسطس الماضى، وصف دميرطاش رئيس مرشح "حزب العدالة والتنمية" بأنه نسخة عن هتلر، وخاطبه بحسب ما نقلت وكالة "جيهان" للأنباء: "بينما هناك أناس يتحدثون عن بناء مدن فى القمر، أنت مشغول بتخويفنا بالأفكار الفاشية التى تعود إلى ما قبل مائة سنة" ثم تابع وقال: "كان شارب هتلر فى 1940 أقصر قليلا من شارب أردوغان. هذا هو الفرق الوحيد بينهما". إلا أن أردوغان ظل يستهين به.

وواصل دميرطاش هجوماته، وقال إن تركيا "مهددة بحكم استبدادى من رجل واحد بعد الانتخابات الرئاسية فى حالة فوز أردوغان" واختتم كلامه محذِّراً مؤيدى "حزب العدالة والتنمية" بضرورة "أن يدرك الإخوة المصوتون للحزب هذا الخطر ولا يخدعون أنفسهم. ربما يسعدكم الإدلاء بأصواتكم لصالح أردوغان، ولكنه سيكون سببا لتخويف وقمع جميع الناس من غيركم" على حد قوله.

واشار دميرطاش إلى "إسرافه غير القانونى وحياة الترف التى أحاطت به منذ توليه منصب رئاسة الجمهورية" على حد ما ذكرت صحيفة "زمان" المؤيدة لدميرطاش، ومنها قوله: "إن قادة المسلمين، وعلى رأسهم الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم، لم يعلمونا الثراء والعيش بإسراف وترف، فالرسول لم يترك ثروة بعد وفاته سوى أوامر الله تعالى ونمط معيشته فى الحياة" وفق تعبيره.

كما فند مزاعم الرئيس التركى وأعضاء "حزب العدالة والتنمية" الحاكم، بشأن سيرهم على منهاج النبى، وقال: "هل عاش الرسول الأكرم بقصر يضم 1500 غرفة"؟ ثم أشار إلى أن رئاسة هيئة الشؤون الدينية "باتت أسيرة ومولعة بالترف والإسراف" وأعطى مثلا عن سيارة رئيس الهيئة، محمد جورمز، ووصفها بفارهة، ثمنها مليون دولار، وقال: "كيف لك أن تشترى سيارة من أموال هذا الشعب"؟.


موضوعات متعلقة..


الصحف الأمريكية: انتهى عصر أردوغان.. الأتراك يوجهون ضربة موجعة لطموحات ديكتاتور تركيا.. نتائج الانتخابات تقوض خطة تحويل تركيا للنظام الرئاسى.. مخاوف من شبح الصراع على السلطة وفترة من التوتر السياسى











مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة