قد يكون الحديث عن الفنان أشرف زكى قبيل انتخابات نقابة المهن التمثيلية التى قرر أن يخوضها، قد يكون حديثا ذا حساسية، إلا أننى أتكلم عن رجل يعرفه جموع الفنانين وعهدناه جميعا قريبا من الصغير قبل الكبير، هو نموذج للسهل الممتنع، تراه فى الأزمات أكثر من أى وقت آخر.. ويهتم بخدمة زملائه أكثر من خدمة نفسه وبيته، لقد أثبت وجوده وانحيازه للفنانين أداؤه خلال سنوات رئاسته للنقابة، كان دافعا لكثير من الفنانين لكى يدفعوا به لدخول انتخابات هذه الدورة، فالرجل يعرف هموم ومشاكل الفنانين، لا يتوانى عن سرعة تنفيذ ما يطلبه هؤلاء والوصول إلى حقوقهم كاملة.
أشرف زكى لم ألتق به منذ أكثر من عام، ولكنى وجدت نفسى أكتب عنه شهادة لله ولرجل دؤوب يحب الخدمة العامة ويتفانى فيها، الحديث عنه يطول لأنه بطبيعة الحال عاشق للخدمة العامة، ولهذا تكون شهادتى عنه شهادة حق، لأن نلتف حوله لأن عليه مسؤولية كبيرة، وعلى نقابة المهن التمثيلية واجب فى هذه الظروف الصعبة التى يمر بها الوطن، وواجب إحياء ميثاق عمل يضمن لنا وللمجتمع رؤية جديدة مستنيرة للأعمال الفنية الدرامية، تجربة النقابة مع أشرف زكى أراها مغايرة لمن تولى هذه المسؤولية، مع تقديرى لجميعهم، فهو يؤمن بسياسة الباب المفتوح، لا يتجاهل أحدا من الفنانين، وهو يعمل بروح الشباب ولديه علم بكل أحوال الفنانين.. لهذا فقد نجح فى أن يحول النقابة إلى كيان قوى ذى ثقل وتميز.. يضاف إلى ذلك تفوقه فى الجانب الخدمى، فقد امتدت أياديه لتوسع دائرة الخدمات سواء الصحية أو الاجتماعية، أشرف زكى أعرفه شديد الإخلاص والحماس لا يعاند فى رأى إلا إذا كان هذا الرأى هو رأى الأغلبية، وكلنا يعرف أنه خاض معارك داخل النقابة وبهدوء شديد كان يقود معاركه دون تخوين لأحد أو استهزاء بطرف، ولكنه ينتصر بالحوار الراقى والمناظرات، هو لا يكل ولا يمل فى العمل النقابى الذى أحس أنه يجرى فى دمه منذ كان عضوا بالنقابة ثم سكرتيرا ثم وكيلا ثم نقيبا.. هو فعال لا يعرف الروتين أو التباطؤ أو عرقلة المشاكل، يعرف فقط حسم الأمور، والمؤسف أن أشرف زكى قد ظُلم وتعرض لتجريح وكانت عدالة السماء أسرع. وأعتقد أنه آن الأوان بعد أن هدأت الانفعالات ووضحت القضايا حتى صارت فى شفافية، آن الأوان لأن ترد الجمعية العمومية الاعتبار لنقابى تسبقه سمعته الطيبة ولا يبحث إلا عن مصالح زملائه الفنانين، إن التوقيت الذى نعيشه اليوم يحتاج إلى إدارى صارم قوى، وفى نفس الوقت يتسم بالإنسانية والقدرة على التغلب على عراقيل تصنعها قيود إدارية لا تصلح مع هذا الزمن الذى لابد أن نستيقظ فيه لبناء مجتمع جاد بعيدًا عن كل مظاهر الخوف أو الكسل أو الأيدى المرتعشة، ولعل مواقف أشرف زكى خلال أكثر من عشر سنوات قضاها وكيلاً للنقابة ثم رئيساً لها.. تؤكد أن هذا الوقت يحتاج إلى رجل بهذه المواصفات، فالنقابة، كما قلت، تحتاج إلى شقين، الشق الإدارى الاجتماعى والشق الخدمى، وفى كلتا الحالتين هو فعال لا يعرف تمييع القضايا، نحن اليوم فى مفترق الطرق فى بلد يحتاج إلى تحرك وطنى وضمير حى بعيدا عن المزايدات والشعارات، مصر تحتاج إلى الإدارى الواعى، وحتى تجتاز هذا المفترق لابد أن نعى مع من يمكن أن نتعامل ومع من يمكن أن نعطى صوتنا.. القضية ليست صراخا ولافتات، بل هى اختيار نماذج تقود المرحلة القادمة بأمانة، لهذا لابد أن نبتعد عن المصالح الشخصية والأحقاد. أقول لجموع الفنانين آن الأوان فى هذا التوقيت أن تنتقل النقابة بوعى وقدرة إلى أعلى حالاتها، مثلما تنتقل مصر جميعها لفكر جديد، وفى المقابل أعرف أن أشرف زكى قد عرف ما له وما عليه خلال سنوات ابتعاده عن النقابة، فهو يمتلك الإصرار والتحدى لمواصلة المسيرة وليثبت أنه قادر على أن تكون نقابة الممثلين على يديه من أهم النقابات على مستوى العالم العربى، أقول له أن يلتزم بمثياق شرف وضمير مهنى وطنى، وأن يهتم بجموع الفنانين الصغير منهم قبل الكبير بلا تفرقة.