لا نحتاج الكثير لتوصيف الحالة التى وصل إليها الطب والعلاج فى مصر. وبالرغم من التشخيص تظل هناك حلقة مفقودة بين ما نطلبه وما نريده، والحال خالٍ من حل، ربما لأننا نفتقد إلى القواعد والقوانين أو تطبيق القوانين.
لهذا بدت زيارة رئيس الوزراء لمعهد القلب ومعهد تيودور بلهارس كأنها مفاجأة، مع أنها واقع فى كل مكان من المؤسسات الصحية. والحل الذى تم وضعه لإنقاذ المعهد بسرعة يظل موضعيا ما لم يشمل وضع قواعد للرقابة ومتابعة الجودة فى كل المستشفيات العامة والمركزية والجامعية والمعاهد والمراكز التخصصية. وهى مراكز ننفق عليها مليارات من المال العام تضيع بسبب إدارة فاسدة ونظم بالية.
قال رئيس الوزراء، إن الشعب هو من أنفق على تعليم كبار الأطباء، ممن تخلوا عن مهنتهم وأخلاقها، وتفرغوا للجرى وراء تحقيق الأرباح، كلام صحيح شكلا، لكنه لا يكتمل من دون وضع قواعد للعمل فى المؤسسات العامة والجامعية، وكانت هناك قوانين تشترط على من يتعلم فى بعثات أن يعمل عدة سنوات، على الأقل عشرة مثلا بعدها يصبح حرا، إما أن يستمر أو يستقيل ليتفرغ للعمل الخاص، وهى قواعد عادلة.
الحاصل أنه فى ظل الفوضى تحول الطب لتجارة بلا ضمير. تم تدمير قواعد المنافسة والعمل بترك الخلط بين العمل الخاص والعام وأيضًا ضعف الرواتب التى يحصل عليها الأطباء والأساتذة المتفرغون، كان بدل العيادة فى السبعينيات مناسبا لكنه لم يتغير كثيرا، وبالتالى اختفى الحافز الذى يغرى الطبيب بالبقاء فى المستشفى العام، وإذا قارن الطبيب وضعه بزميله فى العمل الخاص يكتشف الظلم.
ربما يكون الحل فى إنشاء هيئات للجودة والمتابعة تنفصل عن الخدمة، وتحدد ما يجوز وما لا يجوز، وقوانين تخير الطبيب بين الاستمرار فى المؤسسات العامة برواتب محترمة، أو التفرغ للخاص، وهو أمر يفرض على الأطباء العمل مقابل دخل، ويبعد هؤلاء الذين يعملون شكلا وفى الموضوع يهربون، ونفس الهيئات الخاصة بالجودة تراقب الأسعار فى المستشفيات الخاصة وتضع حدا واضحا ومناسبا حتى يمكن إغلاق الباب أمام تجارة بلا رقابة ولا متابعة.
ومن دون قواعد واضحة وعامة وقوانين حاسمة لن يمكن هيكلة الصحة والخدمات الصحية، وسوف تبقى الأحوال بهذا التردى، ولن تحلها الزيارات المفاجئة أو الدورية.
هذه الأنظمة سوف توفر المال والجهد، والعدالة فى توزيع الخدمات الصحية، حتى يمكن أن تكون هذه الخدمة لائقة بما نريده لأنفسنا، الطب مريض وفى حاجة لعلاج بالدواء أو الجراحة.