إن التوجه نحو دبلوماسية جديدة تسمى بالدبلوماسية غير الرسمية قد تجسد حقيقة من خلال الطروحات التى وضعتها حكومة روسيا والولايات المتحدة الأمريكية على لسان كل من لينين وولسون، من خلال المبادئ والأسس الجديدة فى التعامل الدولى، ومن خلال وثيقة مرسوم السلام التى طرحها لينين عام 1918 ووثيقة ولسون لمبادئه الأربعة عشر، وجميعها أشارت إلى تدخل وتأثير الرأى العام، وتعرف الدبلوماسية الشعبية بأنها «ذلك النشاط الذى يبذله بلد أو دولة ممثلة فى شعبها لكسب الرأى العام الخارجى بعيداً عن نشاط السفارات والبعثات الرسمية والإعلام التقليدى للدبلوماسية الرسمية، ومن أبرز أدواتها النقابات العمالية والمهنية، واتحادات الطلاب، ومنظمات الشباب والمرأة، وأعضاء البرلمانات، والأحزاب، والفرق الرياضية، وفرق الفنون الشعبية، وغيرها من المنظمات الأهلية غير الحكومية التى تمتلك علاقات صداقة بمنظمات موازية لها من مختلف أنحاء العالم»، ولا تحل الدبلوماسية الشعبية محل الدبلوماسية الرسمية التى هى الأداة الأولى لتفعيل السياسات الخارجية للدول، ولكن مع تطور العلاقات الدولية أصبح ميدان العمل الدبلوماسى يتسع إلى العديد من المجالات الاقتصادية والتكنولوجية والاجتماعية والفكرية، ولم يعد التمثيل السياسى البروتوكولى هو الوظيفة الرسمية الدبلوماسية بل أصبحت هذه الوظيفة متشعبة ومتداخلة فى عدة مجالات، وبالتالى أصبحت بحاجة إلى العديد من الأطراف الأخرى من أجل تعزيز نشاطها فى تنفيذ السياسة الخارجية وإدارة العلاقات الدولية، وكذلك مع زيادة الاهتمام بالرأى العام الوطنى والخارجى المنظم من خلال مؤسسات غير حكومية وتأثيره المباشر على سياسات الدول، أصبحت الدبلوماسية غير الرسمية والشعبية من العوامل المهمة والمكملة فى توجيه السياسات الخارجية، ووسيلة رئيسية للحوار والتعارف بين الدول، بل إنه فى بعض الأحيان تكون أكثر فاعلية من الجهود الدبلوماسية الرسمية فى تحقيق أهداف واستراتيجيات الدولة إقليميا ودوليا، باعتبارها أوسع انتشارا، ولبعدها بشكل أساسى عن القيود والبروتوكولات التى تتسم بها الدبلوماسية الرسمية، ولذلك شاع استخدامها.
وفى مصر ظهر هذا المصطلح بوضوح عقب ثورة 30 يونيو حيث قامت عدة وفود غير رسمية من السياسيين والفنانين والإعلاميين بالسفر إلى أمريكا وبعض الدول الأوروبية، لشرح حقيقة ما حدث فى مصر ومواجهة حرب التزوير والتشويه ونشر الأكاذيب التى شنها التنظيم الدولى لجماعة الإخوان الإرهابية على بلدنا، وقد كان لبعض هذه الوفود تأثير إيجابى فى مساندة موقف مصر، ولكن لوحظ فى الآونة الأخيرة أن هناك عشوائية قد أصابت أنشطة الدبلوماسية الشعبية، بالإضافة إلى مشاركة بعض العناصر غير المؤهلة التى تسىء التصرف ضمن الوفود الشعبية، وقد نتج عن ذلك الكثير من الأضرار والمشاكل، فأصبح واجباً علينا مراجعة أنشطة الدبلوماسية الشعبية خاصة تلك التى تتعامل مع منظمات دولية وجهات رسمية وسياسية، وأن نضع بعض المعايير التى تحكم اختيار العناصر المشاركة فى هذه الوفود فيما يخص الخبرة وما شابه، ومن الممكن أن تعقد وزارة الخارجية بعض الدورات التدريبية للراغبين فى المشاركة وإعطائهم الحد الأدنى من الخبرة اللازمة للقيام بهذا الدور.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة