فى نفس اليوم الذى أعلنت فيه وزارة الداخلية حالة الاستعداد القصوى، الحالة «ج» بلغة الأمن، استعدادًا لذكرى ثورة يونيو، وقعت عملية اغتيال المستشار هشام بركات، النائب العام، بسيارة مفخخة ومحملة بأكثر من طن من المتفجرات. وكالعادة فى كل مناسبة تعلن الوزارة عن خطط تأمين وانتشار مكثف للقوات وكاميرات وبوابات إلكترونية، فكيف يقع مثل هذا الحادث الإرهابى البشع، وفى منطقة مصر الجديدة، أكثر المناطق الجغرافية أهمية فى القاهرة، ويسكنها كبار رجالات الدولة، وتقع فيها منشآت حيوية؟، كيف يتكرر ذات السيناريو للمرة الثانية، وفى مصر الجديدة أيضًا، بعد محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق اللواء محمد إبراهيم فى أكتوبر 2013؟، أين الخلل فى عملية التأمين الأمنى؟
روايات جيران النائب العام فى شارع ابن رشد، المتفرع من شارع عمار بن ياسر بمصر الجديدة، يؤكدون أن الحراسة المخصصة له لم تكن على المستوى الذى يرتقى وأهمية وحساسية منصب وشخص مثل المستشار بركات، وفى ظل تهديدات بعمليات اغتيال من جماعة الإخوان وأنصارها من التنظيمات الإرهابية الأخرى. هل لم تستفد أجهزة الأمن من سيناريو العملية الأولى لاغتيال وزير الداخلية السابق لتغيير خططها وتكتيكاتها لإحباط أى عملية إرهابية جديدة؟، هل مازالت هناك ثغرات أمنية وقصور أمنى لم يعالج حتى الآن؟، هل استفادت الجماعات الإرهابية من الحادث الأول، فأصبحت أكثر فاعلية ودقة فى تنفيذ أهدافها، ولم تستفد أجهزة الأمن؟
السؤال الآخر: كيف تتجول سيارة محملة بهذا الكم من المتفجرات شوارع القاهرة، وتصل إلى منطقة مصر الجديدة، وفى أقرب نقطة لمسار موكب النائب العام دون أن يستوقفها، أو يصادفها كمين أمنى، وهذا أضعف الإيمان؟، ومن أين جاءت هذه السيارة؟، ثم هل من المعقول أن يراقب موكب النائب العام منذ لحظة خروجه من مسكنه من عناصر إرهابية دون وجود عناصر الأمن السرية المنتشرة بدرجات فى الشارع، أم أنه لم يكن هناك وجود أصلًا لهذه العناصر الأمنية؟، وبالتأكيد تمت مراقبة خط سير النائب العام لمدة ليست بالقصيرة قبل تنفيذ العملية الإجرامية. ثم نأتى للقصة التى لا تنتهى، وهى قصة شرائح الهاتف المحمول المستخدمة فى عملية التفجير، والتى أصبحت بطل معظم عمليات التفجير عن بعد، فقد صدرت تعليمات الحكومة بحظر بيع تلك الشرائح إلا ببيانات موثوقة، ومع ذلك مازالت تباع على الأرصفة، وفى كل شوارع مصر دون اتخاذ إجراءات حاسمة ضد من يبيعها.
دعونا نواجه أنفسنا بالحقيقة المُرة بأن هناك خللًا وشبه تقصير، ويجب معالجته سريعًا، وسريعًا جدًا حتى لانفاجأ- لا قدر الله- بتكرار السيناريو للمرة الثالثة.