علا عمر

ثورة فكرية لمواجهة الفكر التكفيرى

الأربعاء، 01 يوليو 2015 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحوادث الإرهابية الأخيرة فى تونس والكويت وفرنسا، ومسلسل الإغتيالات الذى بدأ منذ فترة فى مصر، تعيد ذاكرتى إلى بدايات عهد الإخوان - اغتيال أحمد ماهر رئيس وزراء مصر فى مبنى البرلمان المصرى فى فبراير ١٩٤٥، واغتيال القاضى أحمد الخازندار المكلف بقضية تورط جماعة الإخوان المسلمين فى تفجيرات سينما مترو فى ٢٢ مارس ١٩٤٨، واغتيال محمود فهمى النقراشى فى ديسمبر ٤٨، ومحاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مرتين، مرة فى الحادث المعروف إعلاميا بحادث المنشية فى يونيو ١٩٥٤، والأخير فى ١٩٥٦، ومحاولة اغتيال الدكتور رفعت المحجوب، رئيس مجلس الشعب فى ١٢ أكتوبر ١٩٩٠

اغتيال النائب العام مؤخرا ومن قبله ضباط وقيادات الشرطة، مسلسل الاغتيالات ليس بجديد على الإخوان والجماعات الإرهابية الموالية لا يظهرها ولا يعيدها إلى الأذهان ولا تشعر انها متورطة فى المجتمع إلا بالاغتيالات والتفجيرات، والمزيد القتلى والأشلاء ما يحدث فى مصر وتونس،والكويت، وفرنسا.. يؤكد أولا أن الإرهاب ليس له دين أو ملة تقوده أو حتى عقيدة تحكمه.

داعش فى يوم واحد أعلنت مسئوليتها عن ٣ عمليات إرهابية فى تونس والكويت وفرنسا.. يروع الإرهاب ويذبح ويقتل عشوائيا ويستهدف السنة فى مصر وتونس، وينحر فى الشيعة فى الكويت والسعودية أثناء الركوع والسجود، ويذبح المسيحيين فى فرنسا والداعى والمنفذ والمعلن تورطه جماعة إرهابية واحدة، لا يوجد عقيدة لهم أو وطن يشعرون بالانتماء اليه، الخراب والتدمير والقتل، وكل الفواحش التى نهت عنها وحرمتها جميع الأديان على رأس أولويات أجندتهم الخاصة.

جميع التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم حسن البنّا وأنصاره، وأعضاء الخلايا النائمة والقائمة لن يسمحوا لمصر بمناخ سياسى وأمنى واجتماعى سليم وصحى وإيجابى، والقضية بالنسبة لهم ولأمثالهم من تيارات وفصائل الإسلام السياسى المتطرفة ليست هى عودة الرئيس المعزول الدكتور محمد مرسى، الذى يعرفون عنه أكثر منى بأنه (بليد سياسيا وفقير فى الإدارة وتسييس أمور البلاد بالداخل والخارج) وليس له علاقة بالحكم، فالجماعة كانت الآمر الناهى، وكم هو محزن ومثير للسخرية أيضا أن نسمع فى قنوات الإعلام المخصصة لهم من مازال يتحدث عن شرعية الدكتور محمد مرسى، إنهم لا يتحدثون عن الإنجازات الخرافية والأسطورية والجبارة، التى تحققت على أيدى هذا الرجل ونظامه، والذى لم يخط سطرا واحدا فى كتاب تاريخ مصر المعاصر سوى أنه أحدث انقسامًا بين صفوف المصريين وجرحا غائرا لايزال قائما.

مشكلة معظم الشباب الموالين للإخوان والمتطوعين فى الجماعات الإرهابية أنهم اعتادوا على السمع والطاعة لأنهم يفتقرون إلى المعرفة وبعضهم سلبت عقولهم بشكل مستمر من خلال أمراء الفتوى والمنابر، والخطب المحرضة، والصفحات التحريضية التى تدعو إلى الجهاد والشهادة وقيادات التنظيم المختبئين تحت الأرض، لا أستطيع أن أنكر أن نظام مبارك كان شريكا أساسيا فى الاتفاق والتقسيم مع الإخوان طوال هذه الفترة، إضافة إلى المناخ التعليمى، والإعلامى المفروض والفاسد فى مصر، والذى انهالت عواقبه على عقلية الأجيال كالمطرقة وطبقت على العقول، والصدور مما جعلت الشباب سهل المراس لعمليات غسيل المخ ثم التجنيد الذى تلجأ إليه التنظيمات المناخ التعليمى الفاسد، وبعض مناهج الكليات الأزهرية وعدم وجود رقابة على ما يبث فى المنابر، والدروس فى الجوامع من خطب تحريضية، ودعوات محرضة ضد طوائف مختلفة أخرى من المصريين، صفحات الإنترنت التحريضية، التى جعلت التواصل سهلا مع الجماعات الإرهابية، جعلت الشباب على خلاف دائم مع السماء واتساعها، جعلتهم أقرب إلى الأرض مهزوزين محدودي التفكير.. حتى من هم على درجات علمية عالية مهندسين وأطباء، يحملون الدكتوراه والماچستير، ودرسوا علوم الذرة والهندسة لم تشفع لهم انتماءاتهم العلمية.. نبذ العنف ورفض الدم من المحتمل ليس له علاقة بالدراسة أو العمل أنه فى صلب التكوين النفسى للشخص المعزول الانطوائى ذى الاستعداد، فى تونس سيف الدين الرزقى ٢٣ عاما ( منفذ هجمات سوسة والمتسبب فى مقتل السياح بنزل الأمبريال) راقص ( بريك دانس) ويدرس الماچستير، وتدرب فى ليبيا على حمل السلاح، كان مشهورا عنه الانطوائية، وقلة الكلام والهدوء وصفه التنظيم الإرهابى داعش بأبو يحيى القيروان جند الخلافة فريسة سهلة تلقى التدريب على السلاح والاغتيالات وبات على أتم استعداد للشهادة الواهمة، فى فرنسا ياسين صالحى ٣٥ عاما منتم للتيار السلفى، متورط فى الأحداث الإرهابية الأخيرة، التى شهدتها فرنسا شاب من أب جزائرى وأم مغربية. سجله القضائى فارغ تماما، شاب هادئ منعزل، لم يكن عصبى المزاج، يشهد له زملاؤه قام بفصل رأس مديره عن جسده وإلقاء جثته بجانب باب المصنع.. نماذج مجندة تلجأ داعش والتنظيمات الإرهابية وعلى رأسها الإخوان المسلمون إلى شباب وتيارات وفصائل تشعر بالظلم وبداخلها ثورة، أو طاقة من العنف أو محاولة التغيير، وعند التلقين والتدريب وبدء عملية غسيل المخ، التى تقوم على محاربة الفساد والظلم وبطش الأنظمة القمعية، و.. و.. و.. وإلى أن نصل إلى شرع الله تدريجيا (هو فى الحقيقة شرع الإرهاب ولكن كالعادة يستخدم اسم الله).. للأسف الجماعات الإرهابية تزرع الوهم بداخل الشباب أن أى نظام حاكم لا يطبق شرعا.

(الإرهاب) هو نظام محارب للإسلام والمسلمين، والشباب فى الحقيقة يفتقر إلى المعرفة وقراءة المستقبل (هناك فرق كبير بين شخص ووطن) يراهنون على رئيس معزول نموذج تام للفشل واللامبالاة (هذا فى الظاهر)، كما تدعى الجماعات الإرهابية ولكنهم يراهنون على الوطن ويهدمون جدرانه.. للسيطرة على البلاد ونهبها ونشر الإرهاب، ونتيجة لفقر المعرفة وانعدام التكوين الثقافى عقول بعض الشباب أقرب إلى فتاوى التحريم، عقولهم لاتزال محظورة على التجديد وتدفعهم أقرب للرفض من القبول، سمة التمرد والطاقة الثورية بداخل الشباب تتوافق مع الهوس الدينى، الذى أتت به التيارات الإرهابية تحت غطاء الإسلام السياسى، ظنا بأنهم مسلمون ومن يقوم بأعمال القتل والذبح والاغتيال والتفجير والتخريب، ينتقم لدينه ولشرع الله.. ماذا قدمت الجماعات الإرهابية (الإسلام السياسى) للإسلام أو للمسلمين طوال هذه الأعوام سوى مزيد من الدماء والضحايا وتشويه سمعة الإسلام والمسلمين.
الحل الأمنى والعسكرى لازم وضرورى.. لكن نحتاج ثورة ثقافية وتعليمية، وحضارية ثورة فى مواجهة العنف المجتمعى المتفشى، لا توجد مؤسسة قادرة بمفردها على إحداث التغيير المنشود فى ظل الإرهاب المتنامى.. بما فى ذلك الأزهر لا بد من إحياء الحضارة المصرية الأصيلة وتطهيرها.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة