هذا سؤال ليس له إجابة حتى الآن فى حياتنا الفنية ولا فى أفكار الحكومة ولا حتى عند القطاع الخاص.. السينما نشاط فنى عظيم قام فى تاريخ مصر الحديث على مجهود المجتمع المدنى، الفنانون والاقتصاديون الكبار من نوع طلعت حرب الذى كان له الإسهام الأكبر فى إقامة ستوديو مصر والإنتاج السينمائى الغزير الذى ازداد غزارة مع الوقت ودخل فيه منتجون صاروا علامة فى تاريخ السينما المصرية مثل رمسيس نجيب. تاريخ لا ينسى وأفلام لا تنسى كثيرة جدا، ومن يرد أن يعرفها من الأجيال الجديدة فعليه أن يشاهد قنوات تليفزيونية خاصة بالسينما القديمة، وسيندهش فى كل مرة يرى فيها فيلما، ظل الأمر كذلك حتى الستينيات من القرن الماضى، حدث التأميم وصارت السينما كلها من إنتاج الدولة، وبعيدًا عن الرأى فى التأميم فلقد استمر إنتاج الأفلام بغزارة وأخذت السينما منحى أكثر أهمية فى الاعتماد على الروايات الشهيرة، وظل الإنتاج السينمائى غزيرا يصل إلى خمسين وستين فيلما كل عام على الأقل. لن أستطرد فى التاريخ أكثر من ذلك، سأقفز إلى ما نحن عليه الآن، عادت السينما نشاطا خاصا بعيدا عن إنتاج الحكومة، لكنها لم تعد! ليس تقصيرا من الحكومة ولا عقابا من الحكومة، الحكومة ابتعدت عن كل نشاط اقتصادى، ووزارة الثقافة ليس لديها القدرة المادية على إنتاج الإفلام، لماذا صار إنتاجنا السينمائى لا يتجاوز خمسة عشر فيلما فى العام؟ هذا سؤال احترت فى الإجابة عنه، جرت محاولات فى التسعينيات أيام وزارة الدكتور الجنزورى، لن أدخل فى تفاصيلها، وجرت محاولات بعدها وحتى الآن لم يزد الإنتاج السينمائى، بدا القطاع الخاص غير متحمس لإنتاج الأفلام ولم يعد لدى الدولة من قدرة غير دعم بعض الأفلام عن طريق المركز القومى للسينما، وليس سرا ولا عيبا أن أقول إنه أتيحت لى فرصة التحكيم مرتين مع غيرى طبعا لاختيار الأفلام التى تستحق الدعم. ليس عيبا ولا سرا لأنى لا أعرف أسماء الأفلام ويضعون بدلًا من عنوان السيناريو واسم المؤلف رقما سريا، فى كل مرة أكتشف أن الأفلام المقدمة طالبة الدعم تزيد على مائة وخمسين فيلما تقسم بين المحكمين، وتكون المشكلة حقيقية فعلا، فنصف هذه السيناريوهات جيد جدا وممتاز وتكون المفاضلة عملية مرهقة حقا. إذن لدينا كتاب حقيقيون للسيناريو وبالتأكيد لدينا مخرجون ازدادوا فى السنوات الأخيرة إلى درجة مذهلة من الجيل الجديد، لكن شركات الإنتاج لا تستوعب هذا كله. ولا يبدو أن هناك لدى الدولة تفكيرا من أى نوع لإنقاذ السينما من عثرتها، والسؤال هو: متى تنتبه الدولة إلى هذا النشاط الاقتصادى؟ متى نسمع عن لقاءات متعددة بين رئيس الوزراء والمنتجين للعودة إلى وضع مصر القديم فى السينما. طيب. لماذا أكتب هذا المقال الآن؟ السبب بسيط جدا هو كم الإنتاج الدرامى المذهل من االمسلسلات التى صارت هى قبلة المنتجين، لماذا يذهب المنتجون إلى المسلسلات ولا يذ هبون إلى السينما وهى الأكثر بقاء وتأثيرا؟ سؤال يحتاج أن تأخذه الحكومة بعين الاعتبار وتبدأ فى البحث مع المنتجين عن مخرج من هذه الأزمة.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
اشكرك
وبلاش تكتب حاجة تانى مش ناقصاك