مروان عبد الحليم يكتب: توهان الحقيقة بين صراع الأجيال

الجمعة، 10 يوليو 2015 03:00 ص
مروان عبد الحليم يكتب: توهان الحقيقة بين صراع الأجيال ورقة وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تتوه الحقيقة عندما تكثر وجهات النظر حول موضوع معين، عندما تكثر الحقائق ومعها الأكاذيب، عندما تكون السيطرة على العقول الغاية وتبرر فى سبيل ذلك كل الوسائل. لكل منا قصته عما حدث فى يناير 2011، كلنا عشنا تلك الأيام، بعضنا أيد التظاهرات والبعض عارضها، بعضنا شارك وآخرون اكتفوا بالتشجيع، ولكن لا يستطيع أحد أن يخبرنا ما الذى حدث بالفعل وإنما يخبرنا فقط بقصته ووجهة نظره. لقد تطورت الأحداث بشكل عجيب منذ ذلك الحين، أثناء تلك الفترة كانت الحقائق والأكاذيب تنتشر على حد سواء حتى ظهر مؤخراً الادعاء القائل إن ما حدث لم يكن ثورة وإنما مؤامرة خططت لهدم البلاد، ولاقى هذا الادعاء القبول عند الكثير من أنصار الرئيس الأسبق ونظامه، وكيفت قصصهم عما حدث نفسها لتتناسب مع هذا الادعاء، وأدى هذا للاختلاف حول ماهية تلك الـ18 يوما والانقسام إلى فريقين، الأول - فى اعتقادى – تتكون أغلبيته من الشباب والأفراد الذين شاركوا بأنفسهم فى الأحداث، وهؤلاء يرون أنه لا شك فى كونها ثورة قام بها الشباب الذين كانوا يحلمون برؤية بلادهم فى وضع مختلف. ما أريد التحدث عنه هو الفريق الثانى الذى أرى أن أغلبيته تتكون من المواطنين فوق الأربعين سنة ومن لم يشاركوا فى الأحداث واكتفوا بمشاهدتها فى الشاشات، وهؤلاء يرون أنها كانت مؤامرة تم إنقاذنا منها بحمد الله، مستندين على بعض الأدلة التى طرحها الإعلام، ولكن دعونا نفكر قليلاً، ما الذى يدفع هذا الفريق إلى تبنى هذه النظرية سواء كانت حقيقة أو أكذوبة؟

عندما ننظر إلى المسألة بشكل مختلف نجدها اختلاف بين جيلين أو أكثر، جيل الآباء والأجداد وأصحاب السلطة، وجيل الأبناء والشباب والذين تمارس عليهم السلطة. يحب الآباء أبناءهم، وفى الحب يحب المحب أن يتحكم فى محبوبه، يحب أن يحس أن محبوبه فى احتياج إليه ولا يفعل شيئا بدون طلب العون، وعندما يصنع المحبوب شيئاً كبيراً بمفرده – كأن يقوم بثورة مثلا – يصعب على المحب تصديق أن محبوبه استطاع القيام بذلك بمفرده، وما أن يجد من يخبره أن محبوبه لم يقم بشىء بمفرده ولم يقم بشىء أصلاً حتى تلاقى الفكرة عنده القبول المنشود. يخبر الآباء أنفسهم أنهم يسعون ليروا أبناءهم قادرين على تسلم الراية ولكن هذا لا يحدث حتى يفكروا مثلهم ويتكلموا مثلهم ويتصرفوا مثلهم. ليس مهما من المصيب ومن المخطئ، ما يهم حقا هو من يحترم حرية الآخرين فى الرأى؟ من يتناقش نقاشا حضاريا؟ من لا يرى أن رأيه هو الحقيقة ورأى الآخرون أوهاما؟








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة