«مصر لا يمكن أن ينالها سوءا وتبقى المملكة والأمة العربية صامتة»، قالها الراحل سعود الفيصل من قلب العاصمة الفرنسية، باريس، بعد ثورة المصريين على نظام الإخوان الإرهابى فى 30 يونيو، وكانت جمله لها مغزى ومعانى كثيرة التقطها الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند، ومن خلفه بقية قادة أوروبا كنوع من التهديد السعودى لأوروبا، إذا لم تغير القارة العجوز تعاملها مع ثورة المصريين، وكانت النتيجة أن الوجهة الأوروبية تغيرت تماماً وأصبحت حاضنة لثورة المصريين.
بلا شك كانت لتحركات سعود الفيصل الخارجية بعد 30 يونيو دوراً فاعلاً فى تغيير مواقف عدد من الدول الأوروبية من رافض لما حدث إلى مؤيد أو على الأقل محايد، فالرجل صال وجال فى عدد من العواصم الغربية، وأخذ على عاتقه هذه المهمة الشاقة التى لن ينساها له المصريون، مثلما لم تنس مصر مواقف كل قادة وأمراء السعودية الذين وقفوا دوماً بجوار مصر وإرادة المصريين.
مساء أمس الأول الخميس، أعلن رسمياً عن وفاة عميد الدبلوماسية العربية، وفقيد الأمة العربية والعالم الإسلامى المغفور له الأمير سعود الفيصل، وزير خارجية المملكة العربية السعودية السابق، الذى وافته المنية بعد حياة حافلة مليئة بالتفانى والعطاء والعمل المتواصل والمواقف المشرفة فى خدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية، توفى الفيصل لكن سجله فى خدمة العرب والمسلمين حافلاً بالمواقف التى لا تحصى وستظل شاهدة على أدواره التاريخية.
مات سعود الفيصل، لكن الشعب المصرى لن ينسى له مواقفه المشهودة الداعمة والمساندة لمصر ولقضايا أمته العربية على مدار العقود الأربعة الأخيرة، ومنذ توليه لمنصبه كوزير للخارجية، كما أن العرب لن ينسوا له دعمه للقضية الفلسطينية ودوره فى إنهاء الحرب اللبنانية، حين استضاف اللبنانيين فى الطائف، مسقط رأسه، ليتوصلوا إلى اتفاق الطائف الذى تسير على نهجه لبنان منذ 1989 وحتى الآن، كما لن ننسى له صراحته التى ظلت تلازمه فى كل كلمة ينطق بها، حتى مع الأشقاء، فللراحل العديد من المواقف التى تؤكد استقلالية منهجه وتحركاته، ومنها حينما قاد بقية دول الخليج لقرار كان الأصعب فى تاريخ مسيرة دول مجلس التعاون حينما قرروا سحب سفرائهم من قطر اعتراضاً على دس القطريين أنوفهم فى الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية، ومن بينها بالطبع مصر التى كانت تأخذ حيزاً خاصاً فى قلب ووجدان الأمير السعودى الراحل.
رحل سعود الفيصل، لكن ستظل ذكراه عطرة ومليئة بالكثير والكثير من الذكريات الطيبة التى تخلد روحه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة