قبل نهاية العام سيكون لدينا مجلس نواب منتخب، والعهدة فى هذا التأكيد على اللجنة العليا للانتخابات.
سيكون إذن لدينا برلمان بعد طول غياب، اللهم إذا جد فى الموضوع جديد، غير أن اللافت فى الحديث عن الانتخابات الآن أن هناك فتورا ملحوظا على مستوى الناخبين والأحزاب، سببه طول الحديث عن الانتخابات دون أن يكون هناك إنجاز لها، ووصل الأمر إلى قناعة باتت موجودة لدى قطاعات واسعة من المواطنين بأن تعطيلها متعمدا، وأخطر النتائج المترتبة على ذلك هو انصراف شعبى عن الاهتمام بها، والخوف من أن يترتب على ذلك ضعف التصويت، مما يعيدنا إلى نفس حالة الانتخابات خلال فترة حكم مبارك.
الحديث عن احتمالات ضعف التصويت تنطلق أسانيده من عدة أشياء، أولها أنه لا جديد تقدمه الأحزاب والقوى السياسية المتنافسة، وإذا كان ذلك من الحقائق الملموسة التى نتحدث عنها منذ سنوات طويلة، فإنه مع ثورة 25 يناير بدا أن هناك رغبة واسعة من المصريين، وفى مقدمتهم الشباب فى المشاركة السياسية، وتأكد ذلك فى كل الانتخابات والاستفتاءات التى تمت بعد الثورة، وليس صحيحا أن وجود جماعة الإخوان فى المشهد وقتئذ كان هو السبب، والدليل أن انتخابات مجلس الشورى التى عقدت وقتها لم تزد نسبة المشاركة فيها على 6% من قوة التصويت البالغة نحو 25 مليون صوت، رغم مشاركة الجماعة وحزب النور وحصولهما على الأغلبية، والمعنى الدال من ذلك كله أن الناخبين ذهبوا إلى انتخابات يصدقونها، وهى مجلس الشعب ورئاسة الجمهورية، وامتنعوا عن انتخابات لم يصدقوا أهميتها، وهى انتخابات الشورى، وبالتالى فإن الشفرة السرية لدفع الناخبين إلى المشاركة هو تصديقهم بأنهم مقبلون على فعل سينقلهم إلى التغيير حقا، صحيح أن الانتخابات أتت بالأسوأ وهم الإخوان، لكن هذا لا يمنع من التسليم بارتفاع نسبة المشاركة فى العملية الانتخابية إلى حد غير مسبوق فى تاريخ مصر.
فى الأوضاع الحالية سنرى ضعفا واضحا وارتباكا فى صفوف الأحزاب والقوى السياسية، فلا هى قادرة على تقديم وجوه انتخابية تضمن لها المنافسة، ولا هى تقدم برامج انتخابية ملهمة، ولا هى لها تواجد فى الشارع من الأصل، وفى المقابل هناك زحف كبير لكل الوجوه المحسوبة على نظام مبارك والحزب الوطنى، مما يخلق شكوكا فى إمكانية أن تصب نتائج الانتخابات لصالح المستقبل.