هل نحن دولة فقيرة فعلا؟ هل نحن دولة تعيش ظروفا اقتصادية صعبة؟ هل تستشعر كل الهيئات الرسمية وغير الرسمية بصعوبة الوضع الاقتصادى والتحديات والمخاطر والمصاعب التى تواجه البلاد؟
بصراحة الإجابة عن هذه الأسئلة ستأتى فى غالبيتها بالسلب، والأداء والمعاملات اليومية تسير لدى الكثيرين بشكل طبيعى، فالبزخ والإنفاق وضخ الأموال فى سلع كمالية وغير ضرورية تسير على ما يرام دون تغيير، وصفقات أندية كرة القدم فى مصر بمبالغ طائلة على شراء اللاعبين لا علاقة لها بالظروف المعيشية الصعبة لغالبية الناس أو بالأوضاع الاقتصادية بشكل عام.
فى الأيام القليلة الماضية دار صراع بين أكبر ناديين فى مصر، الزمالك والأهلى، لشراء لاعب اسمه ماليك إيفونا وهو لاعب جابونى لم يسمع به أحد من قبل ولم يكن متألقا مع منتخب بلاده الذى يحتل المرتبة 65 فى تصنيف منتخبات أفريقيا، وجلس الجميع يشاهد «مسرحية عبثية» ومسلسلا جديدا سخيفا اسمه «المال الحرام فى صفقة إيفونا» يتصارع فيها الطرفان على مزاد لمن يدفع أعلى حتى بلغت صفقة لاعب مجهول لم تتخطَ شهرته سوى ناديه الحالى، الوداد المغربى، حوالى 40 مليون جنيه وفاز فى المزاد النادى الأهلى وسط حسرة الملايين على هذه الأموال التى تم ضخها بسرعة فائقة لشراء اللاعب. بالتأكيد كما يعرف الجميع خزينة النادى الأهلى ليس بها هذا المبلغ أو حتى نصفه، كما هو الحال لباقى الأندية المصرية التى تعانى ضائقة مالية فى السنوات الأربعة الأخيرة، فمن أين جاءت هذه الأموال المفاجئة ومن أى طريق، ومن كان الأولى بها.
بالطبع الفائز الوحيد فى «صفقة إيفونا» و«المال الحرام» هو النادى المغربى الذى كشف رئيسه السيد سعيد الناصرى أنه فتح المزاد على اللاعب لتحقيق أقصى استفادة مادية من الصفقة وصرح بأنه كان مضطرا لتبنى بعض المواقف لإنعاش خزينة النادى بأموال إيفونا.
هناك من سيقول «وأنت مالك هيه فلوس أهلك».. فهذه فلوس النادى ومحبيه وعشاقه من رجال الأعمال الذى لا يرضيهم أن يضيع علهيم الدورى هذا العام ويذهب للغريم التقليدى الزمالك. أقول وهل هناك لاعب كرة فى مصر وأفريقيا يستحق هذا المبلغ، وهل هذه العشوائية والبزخ هى الأصلح لإدارة الكرة فى مصر. أليست هذه الملايين يمكن ضخها لحل أزمات الأندية وتصعيد جيل جديد أو شراء لاعبين صغار السن وتسويقهم بشكل احترافى للاستفادة منهم؟.