انتظرت مطولا حتى أدلى بدلوى فيما يخص مشروع قانون الإرهاب المتداول الآن، فأنا بعد ما يقارب الثلاثين عاما عملا بالصحافة، أود أن أقدم شهادة ضميرية لمن يهمه أمر الوطن والصحافة، مبدئيا أشعر بأن الحوار بين الحكم والصحفيين لا يدور من الطرفين بإدراك حقيقى لا للحظة التاريخية الخطيرة، ولا تفهم أن الإعلام والحكم ليسا طرفين، بل هما وجهان لعملة واحدة هى الوطن.. وكلا الطرفين الحكم والنقابة متربصان وخائفان من بعضهما البعض، الأمر الذى انعكس على المواطنين الذين يتهمون الصحفيين ونقابتهم بأبشع الاتهامات، وتم تسييس المعركة ودخلت أوساط إخوانية، وأخرى من معارضى الرئيس السيسى، تحت دعوة الدفاع عن حرية الصحافة، حسنا فعل النقيب يحيى قلاش حينما أسرع بمد جسور الحوار مع الحكومة، إلا أن الخطر الداهم من تلك المعركة أى أن كانت نهايتها، أن إدارة الأزمات فى مجموعة الحكم تسمح بتفتت معسكر 30 يونيو، ويتجلى ذلك فى الآتى:
أولا: خروج البرادعى وما أدى إليه من خلل هيكلى للقوى المدنية وتخليها عن الحداثة مقابل التمكين السياسى، الأمر الذى وضعها بعيدا عن رأب الصدع أو المشاركة فى إدارة الأزمات بقدر ما جعل الأحزاب «التقدمية والليبرالية»، تنكفئ على ذاتها، وتستعد لحشد قواها للمعركة الانتخابية القادمة من أجل التمكين السياسى دون رؤية حقيقية لآفاق المستقبل. ثانيا: ما حدث لحركة تمرد وتفتتها ورفض حزبها له دلالة خاصة، ثم الصدام الشبابى الذى حدث بين الطلائع الشبابية السياسية والحكم حول قانون التظاهر وأدى إلى خروجهم من حلف 30 يونيو.
ثالثا: المؤشرات تؤكد أن معركة قانون الإعلام تقترب من معركة قانون التظاهر، وأخشى أن تؤدى، إن لم يكن أدت، إلى انقسام فى الوسط الصحفى للأسف. رابعا: هناك من يحاول جاهدا لدفع الأقباط إلى الانقسام أيضا حول حلف 30 يونيو. وهكذا لا يبقى فى الحلف سوى السلفيين!! لذلك كله أدعو الأساتذة من شيوخ المهنة إلى التدخل الفورى لرأب الصدع، وأتمنى على النقابة والحكم، وضع الوطن فى الأولوية ودعوة النقابة إلى مؤتمر مهنى لمناقشة قضايا المهنة وعلاقة حرية التعبير بحرية الوطن، وأتمنى على الرئيس شخصيا التدخل المباشر لحل الأزمة.. اللهم إنى قد بلغت اللهم فاشهد.