ولما انقضى شهـر الصيـام بفضله/ تجلَّى هـلالُ العيـدِ من جانبِ الغربِ / كحاجـبِ شيخٍ شابَ من طُولِ عُمْرِه/ يشيرُ لنا بالرمـز للأكْـلِ والشُّـرْبِ، هكذا كان ابن الرومى ينتظر بشغف وفرح حلول العيد وانتهاء صيام رمضان كى يعود مرة أخرى للأكل والشرب والاستمتاع بالحياة.
ومن ناحية أخرى لا يخلو العيد فى كثير من الأحيان من منغصات قد يتعرض لها الشعراء خاصة فى نفسه أو أهله، وقد عبر عن ذلك كثير من الشعراء فى قصائد كثيرة يكاد من يقرؤها يشارك الشاعر معاناته ويلامس صوره وأحاسيسه، ولعل أشهر ما قيل فى ذلك دالية المتنبى فى وصف حاله بمصر والتى يقول فى مطلعها:
عيـدٌ بأيّـةِ حـالٍ جِئْـتَ يا عيـدُ/ بما مضـى أم بأمْـرٍ فيكَ تجديـدُ / أمّـا الأحِبـة فالبيـداءُ دونَـهــم/ فليـت دونـك بيـداً دونهـم بيـدُ
وكذلك المعتمدُ بن عباد بعد زوال ملكه فى الأندلس وأسره وحبسه فى (أغمات)، وبعد أن رأى بناته جائعات عاريات حافيات فى يوم العيد، وكن يعملن بأيديهن حتى يجدن قوت يومهن :
فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا/ وكان عيدك باللّذات معمورا/ وكنت تحسب أن العيد مسعدةٌ/ فساءك العيد فى أغمات مأسورا / ترى بناتك فى الأطمار جائعةً/ فى لبسهنّ رأيت الفقر مسطورا/ معاشهنّ بعيد العــزّ ممتهنٌ/ يغـزلن للناس لا يملكن قطميرا / أفطرت فى العيد لا عادت إساءتُه/ ولست يا عيدُ منى اليوم معذورا/ وكنت تحسب أن الفطر مُبتَهَـجٌ/ فعاد فطرك للأكبــاد تفطيرا
وقد يصبح العيد مناسبة لأكل العيش، أما عن أكل العيش فالبحترى فى رائيته مدح وهنأ الخليفة العباسى "المتوكل" بصومه وعيده ويصف فيها خروجه للصلاة: بالبر صمت وأنت أفضل صائم/ وبسنة الله الرضية تفطر/ فانعم بعيد الفطر عيداً إنه/ يوم أغر من الزمان مشهر.
كما قال المتنبى مهنئًا سيف الدولة عند انسلاخ شهر رمضان/ الصَّوْمُ والفِطْرُ والأعيادُ والعُصُر/ منيرةٌ بكَ حتى الشمسُ والقمرُ، ويقول فى قصيدة أخرى/ هنيئاً لك العيد الذى أنت عيده/ وعيد لكل من ضحى وعيدا/ ولازالت الأعياد لبسك بعده/ تسلم مخروقاً وتعطى مجددا .
موضوعات متعلقة..
"الثقافة" تعرض 14 مسرحية بالقاهرة والإسكندرية وحفلات"قصور الثقافة" بالمحافظات