نظرة سريعة على ما يجرى فى المنطقة العربية وموقف القوى العربية المؤثرة من الاتفاق الأمريكى الإيرانى، تؤكد أن ترتيبات وتحالفات يجرى الإعداد لها للتعامل مع الأمر الواقع المفروض، وهو عودة الشرطى الإيرانى القوى لحراسة الخليج ورعاية المصالح الأمريكية.
الإخوة فى السعودية، أصحاب الموقف الرافض لاتفاق واشنطن وطهران، يسابقون الزمن لضمان بناء جبهة تقوم على استقطاب أو تحييد الأدوات الإيرانية فى المنطقة العربية، ولعل استدعاء خالد مشعل مسؤول حركة حماس إلى الرياض وخروج تصريحات حمساوية تؤكد نجاح اللقاء، مؤشر على نفوذ سعودى جديد فى غزة يواجه التغلغل الإيرانى، ويرتبط بهذا التحرك تحرك مكثف فى اليمن من خلال التنسيق مع حركة الإخوان هناك للمساعدة فى تثبيت إدارة الرئيس عبد ربه منصور هادى فى عدن ومواجهة الحوثيين المدعومين إيرانيا على الأرض، كما يمكن أن تشهد الأيام المقبلة نسخة جديدة من اتفاق الطائف لحلحلة الوضع فى لبنان أو استدعاء الجنرال عون إلى الرياض للوصول إلى حل وسط يضمن انتخابات رئاسية برعاية سعودية، مع ضخ مزيد من الأموال لدعم الطائفة السنية فى مواجهة حزب الله.
وسط هذا الحراك المتسارع، أين الدور المصرى، أين رد الفعل المصرى من اتفاق واشنطن طهران، ولماذا هذا الصمت المؤثر سلبا بالتأكيد على المصالح المصرية؟ أهو نوع من التحييد لصالح الموقف السعودى مثلا؟ لكن ما حجم الخسائر المصرية من جراء هذا الحياد المرتبط بموقف سلبى رافض للأيدى الإيرانية الممدودة بالتعاون مع مصر؟
لا يمكن لمصر أن تبنى موقفا إقليميا قويا بدون تحرك إيجابى فى اتجاه إيران، فالمقاطعة وتحجيم العلاقات لا يصب الآن فى المصلحة المصرية المباشرة وإن كان يخدم موقفا سعوديا متشددا يجرى بناؤه على أن تكون مصر جزءا منه، وهو ما يضر بالمصالح المصرية على المستوى القريب.
ما يجمعنا بإيران أكثر بكثير مما يفرقنا، التاريخ الطويل الممتد والعلاقات الاقتصادية والسياسية وهو ما يجب استعادته بوعى وعبر محادثات مباشرة وتفاهمات حول حدود كل طرف وحقوقه وما يريده من الطرف الآخر، بدلا من أن نجد أنفسنا فى موقف دفاعى مفروض علينا بفعل الدوران فى الفلك السعودى، أو عبر صد الهجمات الإيرانية الدينية والسياسية إذا استمر موقف الحياد والصمت الحالى.