لا يمكن أن تحصل على لونين من البلح من نفس النخلة، وأيضا لا يمكن أن يجتمع الشرف والخيانة فى قلب إنسان واحد.
وكل الأمراض يمكن أن يٌشفى منها، بما فيها المستعصية، مثل الأورام السرطانية، إلا مرض الخيانة وكراهية الأوطان، فلا شفاء منه نهائيا.
وفى ظل الاهتمام البالغ بإنشاء الصروح الطبية من مستشفيات ومعاهد، مثل مستشفى سرطان علاج الأطفال، ومركز مجدى يعقوب لعلاج القلب، وغيرها من الصروح الطبية فى مصر فى الأونة الأخيرة، إلا أنه لا يوجد أى مستشفى لعلاج مرض الكراهية وخيانة الوطن، والتثور اللإرادى.
مرض الخيانة انتشر بشكل خطير فى مصر فى السنوات الأربع الماضية، ومن كان يخرج علينا قبل يناير 2011، مفعما بالصحة الوطنية، ونقاء السريرة، والتفانى، والحب، تبين أنه كان يتظاهر بذلك، وأن الكراهية، والخيانة كانت تسكن و(معششة) فى جيناتهم الداخلية.
هؤلاء من أعضاء الجماعات والتنظيمات والحركات الإرهابية، التى ظهر عليهم أعراض المرض بشكل صارخ، عقب ثورة يناير، ثم اكتشفنا أنه كان مرضا مزمنا بعد ثورة 30 يونيو 2013.
ومرض الخيانة عبارة عن زيادة فى معدل انتشار خلايا الشهوة والنزوع إلى تحقيق مصالح ومتع شخصية، فى مقابل ضمور فى خلايا وجينات الشرف والكرامة والكبرياء المتمثل فى الانتماء وحب الأوطان، بمعدلات تفوق انتشار مرض السرطان اللعين.
مرضى الخيانة لديهم نزوع مرعب، وأمانى وآمال وطموحات، أن يروا أوطانهم وقد انهارت وسقطت، مثل ليبيا وسوريا واليمن والعراق، ولا يزعجهم أن يتقسم، ويتحول إلى أطلال، تنعق فيه الغربان، اعتقادا منهم أن (المرمغة) فى رحيق الخيانة سيستمر، سواء فى الخارج بتركيا وقطر تحديدا، أو فى الداخل، ودون إدراك حقيقة واضحة وضوح الشمس فى كبد السماء، أن جزاء الخيانة أمران لا ثالث لهما، الإعدام، أو السجن.
الخونة يعملون ليل نهار بنشاط عجيب، لوضع وتنفيذ المخططات الهادفة إلى تدمير البلاد، وإثارة الفوضى، وتقويض عجلة التنمية، ويجب على جميع شرفاء هذا الوطن، حشد الإرادة الوطنية لفضح كل خائن وعميل، لينال الجزاء والعقاب الذى يستحقه، وإنقاذ مصر من هذا المرض المزمن اللعين، المشوه لكل القيم الأخلاقية والوطنية.
ونظرًا لكون الخيانة مرضا بغيضا، ومقززا، فإن القرآن الكريم ذكرها فى أكثر من موضع، منها فى سورة الأنفال، حيث قال تعالى: (وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللّهَ مِن قَبْلُ).. وقال فى سورة يوسف: (وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِى كَيْدَ الْخَائِنِينَ).. وقال فى سورة الحج: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ).. وقال فى سورة النساء: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا).. وقال فى سورة يوسف أيضا: (وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِى كَيْدَ الْخَائِنِينَ).
بجانب العديد من المواضع الأخرى التى ذكرت الخيانة بشكل عام، وقد أحصى العلماء الخيانة على 5 أوجه، منها خيانة الأمانة والمال والنعمة والخيانة الزوجية والأوطان، وأجمعوا حسب التفسيرات القرآنية على أنَّ كلَّ خائن لا بدَّ أن تعود خيانته ومكره على نفسه، ولا بد أن يتبين أمره مهما تحصن بأدوات السرية.