شاهدت عددا لا بأس به من أفلام «زمن الفساد» فعدت لمراجعة سريعة وجادة، مع هذه المرحلة.. اكتشفت أن المسرح كان يكرس ويرسخ قيم الفساد باسم محاربته.. وأن السينما كانت تنتصر لنماذج الانحراف والمرتشين، مع تقديم القابض على الشعور بقيمة العمل والإنتاج والبناء فى ثوب السذج والبلهاء.. وكان كبار المثقفين من «حضرات السادة ضباط الثقافة» يكتبون ضد رموز نظام مبارك، ويسهرون مع رموزه ليلا!! وكذلك كانوا يفعلون مع رموز نظام «التتار الجدد» ويسمونهم جماعة الإخوان.
عاشت «عصابة حسن البنا» عصرها الذهبى فى زمن «الملاك أبوجناحين» حسب ما وصفه به فريد الديب.. كلاهما لعب اللعبة ذاتها، وكلاهما احتكم للقوانين نفسها.. وكل منهما كان يرى فى نفسه البديل الوحيد للآخر!! وهذه الحالة أخذت ثورة «25 يناير» إلى النتيجة التى اعتقد فيها الطرفان.. فبما أن «مبارك» قد سقط، فلا بديل عن «أحفاد حسن البنا» والمثير أن الغرب اعتمد المنهج وسار على دربه.. لكن شعبا عظيما رافضا للعملة الفاسدة بوجهيها، استطاع تتويج رفضه هذا بثورة «30 يونيو» التى أخذت طريقا مغايرا منذ يوم «3 يوليو» الذى سيخلده التاريخ، كما سبق أن فعل مع «23 يوليو»!
ثقافة زمن الخمسينات والستينات عزفت على أوتار التحرر الوطنى والعمل والإنتاج مع الإخلاص للشعب والأمانة مع الوطن.. لذلك أفرزت هذه المرحلة رموزها وفنها ومبدعيها.. وفيما بعد تسلق «سواقط قيد الإبداع» وتصدروا الواجهة، والتقطهم «حسنى مبارك» مع «أحفاد حسن البنا» فوظفوهم بذكاء انتهازى منقطع النظير!! ولعلك تستطيع أن تصل إلى هذه الرؤية لو امتلكت وقتا وعقلا، قادرين على مراجعة سنوات الانحطاط التى جعلت ثورة تتخبط، وتركت الثانية تعيش مخاضا صعبا.. أستطيع التأكيد أنه سينتهى إلى ولادة تستحقها مصر، وأظن أن يوم افتتاح قناة السويس الجديدة سيكون بشرى وبشارة للذين لا يصدقون حقيقة تلمسها أيديهم وتراها عيونهم.
اكتشفت خلال أيام العيد السعيد، أننا ربطنا الأحزمة وحطت بنا الطائرة على ممر الوصول.. لكننا فى انتظار فتح الأبواب لنخرج إلى حياة يحلم بها كل المخلصين والمحترمين.. ولا عزاء للمستثمرين فى نساء «زمن الملاك أبوجناحين» وشركائه من «أحفاد حسن البنا»!