الرايات السوداء ظهرت فى غزة، عربات نصف نقل محملة كالعادة بمدافع مضادة للطائرات ورشاشات ثقيلة، ترافقها على يوتيوب فيديوهات ورسائل من قيادات ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» يبايعون من جهة أبوبكر البغدادى خليفة للمسلمين، ويعلنون تحركهم لضم حفنة تراب غزة إلى أرض الخلافة غير المحددة حتى الآن، وإن كانت معروفة بأنها كل منطقة بالدول العربية المنكوبة بالفوضى الخلاقة، تجرى فيها مذابح دموية وقتل وحرق للمخلفين، ومن جهة ثانية يعلنون الحرب على حركة حماس.
أعضاء تنظيم «داعش» فى غزة يتهمون «حماس» بأنها حركة كافرة مرتدة مشغولة بالسلطة على حفنة تراب عن القضية الأساسية فى نظرهم، وهى نصرة الخلافة الإسلامية، ورفع رايات الدولة الإسلامية، وقتال المرتدين والمشركين والأمريكان، وهم يقدمون ذلك بلغة قديمة متحجرة مليئة بالدم والقتل والرعب.
من جانبها، أعلنت حركة «حماس» الحرب على «داعش»، ودمرت مسجدًا لهم بقطاع غزة كانوا يستخدمونه كمركز لنشر أفكارهم، واستقطاب المؤيدين، واعتقلت منهم ما يقرب من 23 عضوًا، الأمر الذى دفع «داعش» إلى التهديد بتنفيذ سلسلة عمليات انتحارية ضد أهداف الحركة، وكانت بدايتها تفجير عبوة ناسفة بجوار أحد المقرات الأمنية لحماس.
الأيام المقبلة ستشهد مزيدًا من الصراع والتفجيرات والعمليات الصغيرة والكبيرة بين «حماس» و«داعش»، كما ستشهد حرب الشرائط المسجلة والبيانات والصور الدامية على «فيس بوك»، فحماس تحاول الدفاع عن سلطتها على القطاع، خاصة أنها بدأت استثمارها مؤخرًا بنجاح بين طهران والرياض، ونجحت فى تسويق نفسها كلاعب له ثمنه وخطورته فى منطقة الشرق الأوسط التى تشهد صراعًا شيعيًا سنيًا بين إيران والسعودية، كل يحاول اجتذاب أكبر قدر من الميليشيات والمعاونين فى الدول العربية إلى جانبه.
أما «داعش» فيريد التمدد فى غزة، وابتلاع حركة «حماس»، ومواجهة المد الإيرانى الذى وصل القطاع خلال السنوات الأخيرة بالمال والسلاح، وهى تستند فى ذلك إلى دعم غير محدود تتلقاه من دول خليجية وأجهزة غربية.
الغريب حتى الآن أن «داعش» لم يطلق رصاصة واحدة على ما يصفه بالشيطان الأكبر، أمريكا، أو حليفتها البغيضة إسرائيل، بينما يطلق دائمًا خطابًا جنونيًا مرعبًا عن قتل ومحو وإبادة وتدمير الشيطان الأكبر وحلفائه من اليهود والمشركين.. غريبة فعلاً أن يكون الهجوم العنيف لأمريكا وإسرائيل والذبح والدمار للمدنيين العرب!